تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. logo اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
أسماء الله وصفاته
37333 مشاهدة print word pdf
line-top
أول من قال بخلق القرآن

ثم ممن ورث بدعة الجهم رجل تسمى بشر بن غياث المريسي ؛ وذلك لأنه تربى على يديه، أو تلقى بدعته عنه، فكان بذلك معتزليا جهميا، انتحل هذه النحلة، وظهر في وسط القرن الثاني أو في آخره، وأظهر بدعته، ودعا إلى القول بأن القرآن مخلوق، وبالغ في ذلك -في نشر هذه البدعة- وألف في ذلك رسالة، أو ألفها تلميذ له، أخذها من كلامه، وسماها بمعتقد بشر بن غياث المريسي والذي كتبها أو جمعها يقال له: محمد بن شجاع الثلجي ولما جمع هذه الرسالة اطلع عليها أحد علماء السنة وهو الدارمي فرد عليه برد مطبوع -قد طبع مرتين أو أكثر- وذكر اسمه عليه، بقوله رد الإمام الدارمي عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد، هكذا عنوانه يدل على ما كان عليه السلف رحمهم الله من الحماسة والغيرة على محارم الله تعالى وعلى حدوده، وعلى صفاته، وعلى أسمائه فهو سماه العنيد على بشر المريسي العنيد .

وفي بعض النسخ فيما افتراه من إنكار التوحيد أو من إبطال التوحيد، رده رد فيه شيء من القوة؛ إلا أنه حمله قوة الإثبات على أن صرح ببعض الكلمات التي لم يرد عليها دليل، كإثبات المكان، أن لله تعالى مكانا، أراد بذلك المبالغة في الرد على هؤلاء الذين أنكروا الجهة، أن الله تعالى في جهة، الدارمي هذا، ألف هذا الرد، وله أيضا كتاب آخر مطبوع عنوانه: الرد على الجهمية ذكر فيه أدلة الإثبات؛ بحيث إنه يبالغ في إثبات هذه الصفات؛ في إثبات الصفات الفعلية والذاتية، ويذكر ما عليها من الأدلة، إذا تكلم على صفة العلم ذكر الأدلة الكثيرة من الآيات في إثبات صفة العلم، وكذلك من الأحاديث.
وهكذا أيضا كلامه حول ما يتعلق ببقية الصفات، مما يدل على أن السلف رحمهم الله كانوا يثبتون أسماء الله تعالى ويثبتون صفاته.
ثم في أوائل القرن الثالث تمكن هؤلاء المعتزلة وقويت شوكتهم، واستولوا على أحد الخلفاء العباسيين وهو الخليفة المأمون ولما استولوا عليه أدخلوه في معتقدهم، أدخلوه في إنكار الصفات الفعلية والصفات الذاتية، وإنكار أن الله فوق عباده أو أنه مستو على عرشه، وإنكار بقية صفات الأفعال وما أشبهها.
وإنكار أن يكون الله متكلما، وأن القرآن كلام الله، وجعلوا القرآن مخلوقا، أي: كسائر المخلوقات، ولما استولوا على هذا الخليفة زينوا له أن يمتحن أهل زمانه من العلماء، وأن يجبرهم على هذا القول، -على القول بأن القرآن مخلوق- وجمع من حوله ممن يؤيده على هذا، وكان رئيسهم يقال له: أحمد بن أبي دؤاد كان من المتشددين في هذا المعتقد في إنكار الصفات وفي أن القرآن مخلوق، فهو الذي زين هو ومن معه للخليفة أن يمتحن الناس، فصاروا يمتحنون أهل العلم والمحدثين، ويأتون بهم ويعذبونهم، ويكرهونهم على أن يقولوا: إن القرآن مخلوق، فوافق على ذلك كثير من أهل ذلك الزمان، وادعوا بعد ذلك أنهم ما وافقوا إلا مكرهين، وإلا فإنهم على ما كانوا عليه .
وانخدع بهذا خلق كثير وانتحلوا هذه النحلة، وانتشر وتمكن هذا المعتقد الخاطئ، وكان من جملة المعتقلين والذين أوذوا الإمام أحمد رحمه الله، ولما أنه تمسك بعقيدته توجهوا به إلى الخليفة؛ فدعا الله ألا يريه إياه؛ فمات قبل أن يصل إليه الإمام أحمد واستجاب الله تعالى دعوته، ولكن تولى بعده أخوه المعتصم مع أنه كان أميا لا يقرأ ولا يكتب، ولكن استولى عليه هؤلاء وزينوا له أن ما هم عليه هو الصواب، وأنه يجب أن يلزم الناس ويكرههم على ما هو عليه من هذا الاعتقاد، فوصلوا بالإمام أحمد إلى المعتصم ؛ فأمرهم بأن يناظروه وأتوا بما عنده.

line-bottom