التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الثاني
9- إثبات رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة
[قوله: رسم> إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، لا تضامون في رؤيته،، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها ؛ فافعلوا متن_ح> رسم> . متفق عليه حديث> ] .
هذا الحديث يتعلق بإثبات رؤية الله تعالى في الدار الآخرة رأس> يقول صلى الله عليه وسلم: رسم> إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا متن_ح> رسم> وفي بعض الروايات أنه أقسم على هذه الرؤية، وفي هذا دليل على إثبات هذه الرؤية وأحقيتها.
ومعنى رسم> كما ترون القمر ليلة البدر متن_ح> رسم> يعني رؤية حقيقية كرؤيتكم لهذا القمر، وليس معناه أن الله مشبَّه بالقمر أو بشيء من مخلوقاته، وإنما شَبَّه هنا الرؤية بالرؤية، ولم يشبه المرئي بالمرئي بل المراد تحقيق الرؤية وثبوتها، والله تعالى أخبر بأن العباد يرونه في قوله تعالى: رسم> وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ قرآن> رسم> [القيامة: 22، 23]. آية>
وأخبر بأن الكفار لا يرونه، في قوله: رسم> كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ قرآن> رسم> [المطففين: 15] آية> وفسر النظر برؤية الله لقوله: رسم> عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ قرآن> رسم> [المطففين: 83] آية> أي إلى ربهم، فإذن الحديث أثبت الرؤية ثبوتا صحيحا، وهذا الحديث في الصحيحين حديث> عن جرير بن عبد الله اسم> رضي الله عنه، وروي نحوه عن أبي هريرة اسم> وعن أبي سعيد اسم> وغيرهم من الصحابة، ففيه إثبات الرؤية.
ومن ذلك أيضا: حديث عن أبي موسى اسم> قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : رسم> جنتان من فضة، آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن متن_ح> رسم> .
فدل على أنه ليس بينهم وبين أن يروا ربهم إلا أن يرفع رداء الكبرياء عن وجهه فينظروا إليه.
وقد ورد ذلك أيضا في الدعاء النبوي المأثور الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: رسم> وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة متن_ح> رسم> وذلك كله يدل على أن المؤمنين يرونه في الجنة كما يشاءون.
وأما قوله: رسم> فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا متن_ح> رسم> هاتان الصلاتان هما صلاة العصر وصلاة الفجر، يقول: حافظوا على هاتين الصلاتين، فإن لهما أهمية، وقد روي أن من حافظ عليهما رأى ربه بكرة وعشية وأن أعلى أهل الجنة من ينظر إلى ربه بكرة وعشية ، أي بكرة في وقت الفجر وعشيا في وقت العصر.
فمن حافظ على هاتين الصلاتين هذه المحافظة اطردت محافظته على بقيتهما؛ وذلك لأنهما يقعان في وقت النوم، صلاة الفجر تقع غالبًا في وقت الراحة والنوم، وصلاة العصر أيضًا قد تقع في وقت الواحة بعد الأعمال والإرهاق.
فإذا حافظ عليهما فبطريق الأوْلى أن يحافظ على غيرهما، فدل على أن المحافظة على الصلوات من أسباب رؤية الله؛ وذلك لأن المحافظة على الصلاة، تحمل على بقية الشرائع؛ لأن الصلاة تستجلب غيرها من أنواع العبادة، وتحمل أيضا على البعد عن المحرمات ؛ لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.
فمن حافظ على بعض الصلوات حافظ على بقيتها، فإن الصلوات متماسكة، لا يمكن أن يأتي بالبعض دون البعض لاعتقاده بأن الجميع فريضة من الله، وإذا أتى بهذه الصلوات استدعى ذلك أن يأتي ببقية الأركان؛ كالصوم، والزكاة، والحج، وما أشبهه. وإذا حافظ على هذه الأركان عرف أن ربه قد حرم عليه المحرمات فيتركها أيضا لله تعالى.
فإذا أتى العبد بالواجبات وانزجر عن المحرمات كان من ثوابه دخوله الجنة، وكان من ثوابه أيضا أن الله تعالى يتجلى له كما يتجلى لعباده في دار كرامته.
مسألة>