إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الثاني
54210 مشاهدة
6- القنطرة بين الجنة والنار

[فمن مر على الصراط دخل الجنة. فإذا عبروا عليه وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتص لبعضهم من بغض، فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة] . .


(الشرح) * قوله: (فمن مر على الصراط دخل الجنة. فإذا عبروا عليه وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار...):
بعد ما ينجو الناس ويقطعون هذا الصراط على قدر طوله أو قصره وعلى قدر بطء أو سرعة سيرهم، يقفون على قنطرة بين الجنة والنار.
والقنطرة في الأصل: هي المكان الذي يكون بين حاجزين أو بين بحرين كساحل بين البحرين ونحو ذلك.
وقد تكون القنطرة أيضا جسمها واسعا يتسع لهم، فهذا الجسر أو هذه القنطرة التي هي معبر لهم واسعة تتسع لهم، فيقفون ويُحَاسَبون، يحاسبهم الله تعالى فيما بينهم، ويقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى لا يدخل الجنة أحد وهو يحقد على إخوته، لا يدخلونها إلا وقد طابت نفوسهم، وقد زالت الضغائن والبغضاء والشحناء التي بينهم.

وهذا من حكمة الله تعالى وهو أنه لا يدخلهم الجنة إلا بعد أن يُهَذَّبُوا ويُنَقَّوْا، ويزول ما بينهم كما في قوله تعالى : وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ [الأعراف: 43] فالضغائن والغل الذي في قلوبهم يزول ويبقون إخوة متحابين.
فيعتقد المسلم هذه الأمور الغيبية ويعلم أن أدلتها واضحة من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويعلم أنها لا بد واقعة، وأن الذي يصدق بها لا شك تظهر عليه آثار التصديق، وذلك بالاستعداد له والتأهب لوروده.
فإن الذي يؤمن بهذا الصراط، ويعرف أنه إنما يسلكه ويوفق في السير عليه إذا كان مستويا سيره على هذا الصراط، يستعد لذلك ويفكر هل أنا مستقيم على الصراط الدنيوي أو لا؟ ، فإذا رأى في نفسه خللا أو نقصا تَفَقَّدَ ذلك وتلافاه.