إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
shape
الجواب الفائق في الرد على مبدل الحقائق
50651 مشاهدة print word pdf
line-top
تهمة الوهابية للذات العلية، والجواب عن ذلك

وأقول ثانيا: قال في السطر الحادي والعشرين من الصفحة الأولى ما نصه: كتهمة الوهابية للذات العلية؛ يعتقدون بأن لله جسما محدودا مؤلف من أعضاء: يد محسوسة يبطش بها، ورجل يمشي بها، يجلس ويقوم، ويغدو ويروح، وينزل ويرتفع؛ فأصبحوا كإخوانهم النصارى في الناسوت واللاهوت، لعب إبليس بلحاهم حتى أرداهم وأخرجهم من دائرة الإسلام؛ لأن المجسمة ليسوا من الإسلام في شيء ... إلخ.


والجواب أن يقال: مراده بالوهابية أتباع أئمة الدعوة السلفية التي قام بها في نجد الشيخ محمد بن عبد الوهاب مجدد القرن الثاني عشر، وهو وأتباعه -رحمهم الله- ليس لهم مذهب خاص، بل هم في العقيدة على معتقد السلف الصالح والأئمة الأربعة ومن تبعهم بإحسان، وهم في الفروع على مذهب الإمام أحمد بن حنبل إمام السنة والحديث، مع أنهم لا يعيبون من تبع مذهب إمام من الأئمة المعتبرين، وإذا تبين لهم الحق والصواب في غير مذهب إمامهم تبعوه مع من كان، وقد ذكرنا آنفا أننا متبعون للنص؛ والدليل ندور معه حيث دار، ففيما ذكره هذا القائل عدة أخطاء:
الأول: تسميته لهم بالوهابية بعد أن عرفت أنهم لم يختصوا بشيء ولم يبتدعوا جديدا، وأن كل ما قالوه أنهم متبعون للنصوص وللسلف الصالح؛ ولأن القائم بالدعوة ليس هو عبد الوهاب وإنما هو ابنه الشيخ محمد فهم المحمديون أصلا وفرعا؛ ولأن الوهاب اسم من أسماء الله تعالى فهو الذي وهبهم الهداية والعلم والعمل.
الثاني: رميه لهم بالتجسيم؛ فهم لم يقولوا بذلك أبدا، ولم يستعملوا هذه اللفظة إثباتا ولا نفيا، فمن قال إن الله جسم فهو مبتدع، وكذا من نفى الجسم فهو مبتدع أيضا، حيث إن هذه اللفظة لم ترد في النصوص ولم يستعملها السلف والأئمة، ولو كان خيرا لسبقونا إليه، مع أنا نثبت الصفات الواردة ونعتقد حقيقتها وننفي عنها التشبيه والتمثيل، ولا يلزم أن نكون مجسمة إذا قلنا بأن الله فوق عباده على عرشه بائن من خلقه، أو قلنا إن له يدا ووجها وعينا كما يشاء، أو قلنا إنه ينزل ويجيء لفصل القضاء كما يشاء، فإن هذه الصفات ونحوها قد وردت بها النصوص فنحن نعتقد حقيقتها، ولا نمثلها بخصائص المخلوق، ولا نثبت لها كيفية أو مثالا، فكما لم ندرك كنه الذات وماهيتها فكذا نقول في هذه الصفات، فإنا نثبتها إثبات وجود لا إثبات تكييف وتحديد، كما قال ذلك أكابر الأئمة؛ فكيف يلزم من ذلك أن نكون مجسمة؟!.
وهكذا قوله: محدود. نفضل ترك الخوض في الحد، مع أنه من المسائل التي أثبتها بعض السلف ونفاها البعض، ولكن الأفضل التوقف؛ حيث إن البحث في ذلك مبتدع، وإن اللفظ لم يرد في الأدلة ومع ذلك فعذر من أثبت الحد ومن نفاه أن لكل منهما مقصدا ظاهره الصحة. وبالجملة فلا اختصاص لنا بهذا دون غيرنا، ولكن هذا الكاتب مزجى البضاعة في عقيدة السلف وأقوالهم، وكان الأولى أن يوجه طعنه ولومه على علماء السلف وأئمتهم؛ فإن هذه الأقوال والمذاهب المأثورة عنهم مدونة في مؤلفاتهم الموجودة المشهورة.
الثالث: قوله عن الوهابية إنهم يصفون الرب تعالى بأنه مؤلف من أعضاء: يد محسوسة يبطش بها، ورجل يمشي بها ... إلخ .
والجواب: أن هذا من جنس ما قبله قول عليهم بلا علم، فإن التأليف جمع المتفرق، أو تركيبه من أدوات مختلفة، وهذه اللفظة محدثة في العقيدة لا نقول بها ولا نستعملها في عقائدنا ولم ترد في النصوص؛ حيث إن لازمها قول باطل كما ذكرنا.
فأما إثبات اليد والرجل حيث وردت فإنا نقتصر على ذلك، فقد تكاثرت الأدلة على إثبات اليد بما لا يدع مجالا في أنها يد حقيقية، لكنا نقول إنها لا تشبه خصائص المخلوق، وإن الله يقبض بها السماوات والأرض كما أخبر عن ذلك، وأما الرجل فقد ورد في السنة أن الله يضع رجله أو قدمه على النار، وورد في القرآن ذكر الساق ووضح في الحديث، فإذا أثبتنا ذلك لم يلزم أن نكون مجسمة، ولم يلزم أنا نقول إن الله تعالى مؤلف من أعضاء، بل نقول: إن ذاته حقيقية وصفاته حقيقية كما يليق به، كما أنا لا نقول بالبطش والمشي الذي رمانا به، بل نقتصر على الوارد في الكتاب والسنة.
الرابع: زعمه أنهم يصفون الله بأنه يقوم ويجلس، ويغدو ويروح، وينزل ويرتفع ... إلخ .
الجواب: إن هذا قول لا حقيقة له ولا عمدة له في هذا النقل؛ فهذه مؤلفاتهم وعقائدهم مطبوعة شهيرة ولا يوجد فيها هذه الألفاظ، فإنهم ينفون الصفات التي لم ترد في الوحيين، ويتقيدون بالأدلة، ولكن أعداءهم يلزمونهم بلوازم باطلة، فإذا أثبتوا الاستواء بما يليق بالله، أو فسروه بالعلو والارتفاع -كما قاله السلف وأهل اللغة- لم يلزم أنهم قائلون بالجلوس والقيام، فقد تكاثرت الأدلة على إثبات العلو الحقيقي بكل معانيه، وعلى إثبات العرش، وأن الله تعالى مستوٍ عليه كما يشاء، فليس لنا إنكار ذلك أو تسليط التأويلات التي هي تحريف للكلم عن مواضعه على تلك الأدلة واضحة الدلالة، فمتى ألزمنا أعداؤنا بلوازم باطلة زاعمين أنها تلزم بمن قال بموجب تلك النصوص لم نلتفت إلى تلك الإلزامات، وأوضحنا خطأهم في هذا الإلزام.
فأما إثبات النزول والمجيء فليس لنا إنكاره، وقد صرحت به النصوص وتواردت على إثباته الأدلة التي لا تحتمل التأويل، ومع ذلك نتوقف عن الكيفية ونَكِلُها إلى الله، ولا نقول: إنه إذا نزل يخلو منه العرش أو تحصره السماوات... إلخ، بل نقول: إن الرسول الناصح لأمته -صلى الله عليه وسلم- قد أخبر بهذا النزول، وأن الله تعالى قد أخبر بالمجيء يوم القيامة، فنحن نثبت ذلك كما ورد، ولا نضيف إليه شيئا من عند أنفسنا، فما ألزمونا به غير لازم.

line-bottom