تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. logo إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
shape
السراج الوهاج للمعتمر والحاج
71256 مشاهدة print word pdf
line-top
حكم الحج والعمرة

فرض الله -سبحانه وتعالى- الحجَّ والعمرة على الصحيح، وجعلهما من واجبات المسلم في حياته، فقال -تعالى- وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [سورة البقرة ، الآية:196] ، وقال: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [سورة آل عمران ، الآية :97] .
وقال -تعالى- وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [سورة الحج:27] .
تدُل هذه الآيات على فرضية تلك العبادة، وأنها أحدُ أركان الإسلام التي بني وقام عليها، كما ورد في الحديث في تفسيره -صلى الله عليه وسلم- للإسلام، والذي جاء فيه: أن تشهد أن لا إله إِلاَّ الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتيَ الزكاة، وتصوم رمضان، وتحجَّ البيت إِن استطعتَ إِليه سبيلا .
وقد فرض الحج في آخر حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- ولهذا ذهب بعض العلماء إلى إنه يجب على التراخي!.
ولكن الصحيح أنه يجب على الفور؛ بمعنى أن العبد متى تمكن من أدائه، وزالت المحظورات، وقدر عليه؛ وجب عليه أن يأتي به، ولم يجز له تأخيره.
ومن حكمة الله أنه ما فرضه إلا مرة واحدة، فقد روى الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود، وابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن الأقرع بن حابس سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله: الحج في كل سنة، أو مرة واحدة؟ قال: بل مرة واحدة، فمن زاد فهو تطوع .

فإذا أدَّى العبد هذه العبادة مرة واحدة خرج من عهدة الوجوب، وما زاده فإن له أجرا في تلك الزيادات التي هي تنفُّل وعبادات.
والحج فضائله كثيرة، لو لم يكن منها إلاَّ قول النبي -صلى الله عليه وسلم- العمرة إلى العمرة كفارةً لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلاَّ الجنة .
وكذلك قوله -صلى الله عليه و سلم- من حجَّ فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ؛ أي: خرج من ذنوبه، كما في الرواية الأُخرى.
وفي هذا حثُّ للعبد على أَن يكون مهتما بأَداء هذا النسك فرضا أو تطوعا، ويحمله على أن يكون مبادرا إلى ذلك قبل أن يعوقه عائق، وقبل أن يشغله شاغل.

line-bottom