من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
السراج الوهاج للمعتمر والحاج
47861 مشاهدة
طواف الإفاضة

وأما الإفاضة إلى مكة فإن طواف الإفاضة أحد أركان الحج، وهو المذكور في قوله تعالى : وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (سورة الحج ، الآية:29) وأول زمنه في النصف الأخير من ليلة النحر، والأفضل الطواف في يوم النحر إن سهل ذلك، ويغلب في الأزمنة المتأخرة صعوبته، لشدة الزحام في ذلك اليوم، فالطائف فيه لا يطمئن ولا يحضر قلبه، ولا يدعو إلا وهو منشغل البال، يهمه الخروج من المضائق، فالأفضل في هذه الحال تأخيره حتى يطوف في سعة وراحة، يعقل ما يقول، ويستفيد من عمله.
ومن المعلوم يقينا أن الحجاج زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يطوفوا كلهم في يوم النحر، لكثرة العدد الذي يزيد عن مائة ألف، ولضيق المطاف في ذلك الزمان، ولكثرة أعمالهم التي تشغل الكثير منهم عن الإفاضة في ذلك اليوم، فدل على أن أكثرهم طافوا في أيام التشريق أو بعدها، وأجزأهم ذلك بلا كراهة.
وقد سبق ذكر بعض الحِكَم والمصالح في مشروعية الطواف بالبيت وما يُقال فيه.
وبالطواف المذكور وما قبله من أعمال يوم النحر يحصل التحلل الثاني من الإحرام ، بحيث يحل للمحرم ما كان محظورا عليه حال الإحرام، من الطيب واللباس والنكاح وغيره.
أما التحلل الأول: فيحصل إذا رمى جمرة العقبة وحلق رأسه أو قصره.
وكذا لو رمى الجمرة وأفاض إلى مكة للطواف والسعي، وكذا لو طاف وسعى وحلق أو قصر، أي بفعل اثنين من ثلاثة، وهي الرمي والحلق والطواف مع السعي، يحل له كل شيء إلا النساء، وبفعل هذه الثلاثة يحل له كل شيء حتى النساء، وهذا هو التحلل الأول ثم الثاني.