الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. logo القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
shape
السراج الوهاج للمعتمر والحاج
63042 مشاهدة print word pdf
line-top
المواقيت المكانية

القسم الثاني: مواقيت مكانية:
أما المواقيت المكانية فإنها التي حددها وقدرها النبي -صلى الله عليه وسلم- في سنته، فثبت في الصحيح عن ابن عباس وابن عمر -رضي الله عنهم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقَّت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرنا، ولأهل اليمن يلملم قال: هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمُهله من حيث أنشأ، حتى أهل مكة يهلون من مكة
هذه هي المواقيت المفروضة، والتي تسمى بالمواقيت المكانية.
وسبب شرعيتها وشرعية الإحرام منها، أن هذا المكان المقدس الذي هو البيت العتيق له مكانته وشرفه وفضيلته وحرمته، فإذا أقبل الناس إليه ودفعهم الشوق إلى تلك المشاعر، وقربوا منه، شرع لهم أن يظهروا بصفة يتميزون بها عن غيرهم، فيعرفهم غيرهم بأنهم من الوافدين إلى هذا البيت فشرع لهم لباس خاص يتميزون به قبل أن يصلوا مكة بمسافة، وشرع لهم شعارٌ خاصٌ وهو التلبية، وكان ذلك دليل إجابتهم.
لقد شرع الحج على لسان إبراهيم بقوله: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (سورة الحج، الآية: 27)، كما روى ذلك ابن جرير وابن عباس ومجاهد في تفسير هذه الآية من سورة الحج، فقد أمره الله أن ينادي فقال: يا أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا. فأسمع الله من في أصلاب الرجال وأرحام النساء، فجاءوا من كل فج عميق، رافعين أصواتهم يُهِلُّون بالتلبية، لبيك اللهم لبيك، أي: نحن مجيبون لك أيها الداعي، فكان من حكمة الله أن جعل لهذا البيت أماكن نائية بعض الشيء إذا وصل إليها المسلم قاصدا مكة فإنه يعمل عملا يتسم ويتميز به عن غيره، تدل على إجابته للنداء، وتعظيمه لشعائر الله: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (سورة الحج، الآية: 32) .
ولا شك أن تعظيم تلك المشاعر تعظيم لله الذي أمر عباده بالتعبد فيها، لا لأنها أماكن ولا لأنها بنايات أو مقامات، ولكن يعظمونها بأمر الله، وهم يذكرون الله فيها، ويقرؤون كلامه، ويركعون ويسجدون، ويخضعون له ويذلون ويتواضعون، وهم منيبون إليه.

line-bottom