السراج الوهاج للمعتمر والحاج
تجنب الرفث والفسوق والجدال
يجتنب المسلم في إحرامه ما نُهي عنه في قول الله تعالى: رسم> فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ قرآن> رسم> (سورة البقرة ، الآية:197) آية> فهذه أمور نهى الله تعالى عنها، فمن أحرم سواء بحج أو عمرة فإنه يتجنب الرفث، الذي هو الكلام السيئ، رأس> وخصوصا ما يتعلق بالعورات أو ما يتعلق بالنساء ، بصون لسانه، فإذا لم يشغله بذكر الله سبحانه وتعالى، وبتلبيته، فلا يشغله بهذا الكلام الدنيء، وبالرفث في القول ووسخ الكلام ! بل عليه أن يستبدل ذلك بما ينفعه ، ويتجنب ما يضره.
هذا هو الأصل في سبب شرعية هذا الإحرام، وذلك لأن المحرم يتذكر في ليله ونهاره أنه في هذه العبادة، فتذكُّرُه يحمله على أن يحمي لسانه، فلا يتكلم إلا بخير، فيتجنب السبَّ والقذف، والشتم، واللعن، والغيبة، والنميمة، ويتجنب الجدال الذي نهى الله عنه، والمخاصمة بغير حق، وشدة الاحتكاك بغير موجب.
وعليه أيضا أن يتجنب الفسوق التي هي المعاصي ، صغيرها وكبيرها، فكل معصية ؛ سواء كانت بالعين كنظرة إلى عورة، أو سماع لكلام سيئ ، أو لغناء أو نحوه، أو كانت معصية بيد، أو برجل، أو بقلب، كمن يهم بمعصية بقلبه، كل ذلك من الفسوق الذي نهى الله عنه بقوله: رسم> فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ قرآن> رسم> (سورة البقرة ، الآية:197) آية> .
فإذا تجنب الحاجُّ مثل هذه الأمور في إحرامه، رُجي أن تبقى عليه آثاره بعد تحلله، وذلك لأن للعبادات آثارا تبقى بقية الحياة، ومن لم تبق عليه تلك الآثار فإنه حري بأن لا ينتفع بأعماله ويرجع إلى عمل السيئات.
كذلك إذا عرف العبد أنه في حال إحرامه في هذه العبادة منهيٌّ عن المعاصي ونحوها، عرف أنه مأمور بالطاعات، ومن الطاعات: الإكثار من الدعاء، والإكثار من ذكر الله تعالى، ولهذا يأمر الله بذكره في أيام المواسم كما في قوله تعالى : رسم> وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ قرآن> رسم> (سورة البقرة ، الآية:203) آية> يعني أيام التشريق ، وكذلك قوله : رسم> فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا قرآن> رسم> (سورة البقرة ، الآية:200) آية> .
بمعنى كما أنكم منهيون عن الغفلة في وقت أداء النسك، فلا تغفلوا بعد الانتهاء من النسك أيضا؛ بل أكثروا من ذكر الله بعد قضاء المناسك ، وأعمال المشاعر، ونحوها.
وهكذا أمر سبحانه وتعالى بذكره في مزدلفة اسم> فقال: رسم> فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ قرآن> رسم> (سورة البقرة ، الآية:198) آية>
فهذا ونحوه دليل على أن المحرم يكثر من ذكر الله تعالى في جميع حالاته ، وأن يبقى أثر الذكر معه.
مسألة>