الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
السراج الوهاج للمعتمر والحاج
53568 مشاهدة
الاستنابة في الحج

وسُئِلَ حفظه الله ورعاه:
طَلَب مني أحد أقاربي أن أحج عن والدته المتوفاة، وأعطاني ثلاثة آلاف ريال كنفقة، وأنا أستطيع أن أُكمل الحج بأقل من تلك النفقة، فماذا أفعل بالباقي ؟
فأجاب:
هذه مسألة الاستنابة في الحج، أو الحج عن الغير بأُجرة، وقد كثر البحث فيها، وكثر التساهل من الذين يحجون بأُجرة.
والعلماء لم يرخصوا للإنسان أن يحج بأجرة ، إلا إذا كان عاجزا عن الحج من مال نفسه، وذلك لأن هذا عمل صالح والأعمال الصالحة لا تباع، ولا تؤخذ عليها مصالح دنيوية ، فالحج: طواف، وسعي، وإحرام، وصلاة، ورمي، ووقوف، وهذه كلها أعمال صالحة لا يؤخذ عليها أُجرة، كما أن الإنسان لا يأخذ أجرا على الصلاة ، ولا الصيام ولا على الصدقة، ونحو ذلك، فلا يبيعها لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الأذان: اتخذوا مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا فدلَّ على أن الأعمال الصالحة لا يجوز بيعها.
ولكن هناك حالة خاصة، فمثلا أن إنسانا عاجز عن الحج بماله وهو قد أدى حجة الفريضة، فيجوز له أن يستعين بمال يتمكن به من أداء الحج، فيأخذ هذا المال حتى يمكنه الحج فينفق منه بقدر حاجته ويرد باقيه على من أنابه إذا أنفق منه سواء أنفق على أهله كأن يترك لأهله نفقته ، وأنفق أجرة ركوبه وأجرة أكله وشربه، وقيمة فديته وغير ذلك ، فالباقي يرده على أهله إلا إذا سمحوا وعفوا عن ذلك وقالوا: قد وهبنا لك ما بقي.
أما كونه يتخذ الحج حرفة ويجعله كسبا، ويزايد فيه، ويقول: هذا قليل أعطني خمسة أو ستة آلاف ريال، فينفق منها ألفا أو ألفين، والباقي يتاجر به فهذا بيع للعمل الصالح، ويعتبر قد عمل لأجل الدنيا، والعمل لأجل الدنيا شرك ، كما في قول الله تعالى : مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (سورة هود ، الآية:15) .