تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. logo إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
shape
شرح رسالة أبو زيد القيرواني
58783 مشاهدة print word pdf
line-top
نشر الصحف يوم القيامة


هكذا أخبر الله -تعالى- أنهم يؤتون صحف أعمالهم، فالذين يؤتون صحفهم بأيمانهم؛ فيقول أحدهم: هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ما هو هذا الكتاب؟ بطاقة تدل على سعادته؛ قيل: إنه مكتوب فيها، هذا كتاب من الله لفلان بن فلان، أدخلوه جنة عالية قطوفها دانية، فمن مر به يقول: هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وفي آية أخرى: من وراء ظهره وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا وَيَصْلَى سَعِيرًا فيقول: يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ قيل: إن شماله تكون ملوية وراء ظهره؛ فيأخذ بها كتابه وراء ظهره؛ فيدل على شقائه، ومع ذلك يحاسبهم الله -تعالى- فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ذكرنا أن هذا الحساب اليسير هو حساب العرض، أي: تعرض عليه أعماله دون أن يقال: ما عذرك في هذا؟ ولماذا عملت بهذا؟ ولم نقص عملك هذا؟ ولم سهوت- مثلا- في صلاتك؟ ولم خففت هذه الصلاة؟ -مثلا- لا يناقش، لا يناقش الحساب، وإنما يحاسب حسابا يسيرا، وأما من حوسب حسابا شديدا؛ فإنه يعذب مهما كان فمن نوقش الحساب عذب .
وقد ذكر الله -تعالى- أن كلا منهم يحاسب نفسه يقول الله تعالى: وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ فيدل على أنه يقرأ كتابه؛ فيرى فيه الحسنات، ويرى فيه السيئات، وأنه -سبحانه- يحاسب عباده كما يشاء، قادر على أن يحاسبهم في ساعة أو في أقل من ساعة، كما أخبر بأنه سريع الحساب، وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ وأخبر -تعالى- بأن كلا منهم يقرأ كتابه، ويجد فيه أعماله، قال تعالى: وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ يعنى: كتاب أعمالهم فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا هذا كله دليل على أن الله يعرض على العباد أعمالهم -دقيقها وجليلها- وأنه يحاسبهم عليها -كما يشاء- وأنه إذا خفف عن عبده الحساب؛ فإن ذلك من علامة سعادته؛ أن يحاسبه حسابا يسيرا.

line-bottom