عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
شرح رسالة أبو زيد القيرواني
38987 مشاهدة
فصل في الإيمان بالرسل

الباعث الرسل إليهم لإقامة الحجة عليهم، ها هنا ابتدأ في ذكر الرسل والكتب، وذلك أنه ابتدأ بما يتعلق بالإيمان بالله، بعد ذلك لا بد من الإيمان بالرسل؛ فنؤمن بأن الله تعالى أرسل الرسل مبشرين ومنذرين؛ قال تعالى: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ .
أي: لئلا يكون لهم عذر، فلا يحتجون ولا يقولون: مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ فالله تعالى هو الذي امتن على عباده بذلك لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ امتن الله عليهم فبعث إليهم رسلا.
ختم الرسالة والنذارة والنبوة بمحمد نبيه -صلى الله عليه وسلم- فجعله آخر المرسلين بشيرا ونذيرا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا .
هكذا أخبر سبحانه أنه خاتم الرسل: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ أى: آخرهم ليس بعده نبي، وليس بعد شريعته شريعة، وليس بعد كتابه كتاب، هو أرسله الله تعالى إلى الناس كافة، لم يكن هناك أو لا يكون نبي بعده.
هو خاتم الرسالة والنذارة والنبوة، جعله آخر المرسلين وذلك لفضله؛ لفضيلته - عليه الصلاة والسلام - أرسله الله بشيرا للمؤمنين: يبشرهم برضا الله تعالى، ونذيرا للكافرين: ينذرهم ويخوفهم ويحذرهم، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ داعيا إلى دينه، وداعيا إلى عبادته، وداعيا إلى رضاه، وداعيا إلى جنته، وَسِرَاجًا مُنِيرًا أي نورا يستضاء به؛ بسيرته وبشريعته فمن سار على نهجه فإنه من أمته يعني أمة الإجابة، أمر الله تعالى أن نؤمن به: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ .
الإيمان به اعتقاد صحة ما جاء به وأنه صادق وأنه مرسل من ربه، أمرنا أيضا أن نتبعه، هناك آيه تسمى آية المحنة، وهي قول الله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ يعني: امتحان لمن يدعي محبة الله، من أراد أن يكون ممن يحب الله ويحبه الله، فعليه باتباع هذا النبي الكريم: فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ .
وكذلك أمرنا بأن نصدقه وأن نتأسى به: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ يعني: قدوة حسنة، وله على أمته حقوق كما أن للرب تعالى حقوقا يقول ابن القيم
للرب حـق ليس يشبـه غـيره
ولعبــده حـق همـا حقــان
فحق النبي -صلى لله عليه وسلم- أن نؤمن به وأن نقتدي به وأن نصدقه وأن نتبعه وأن نتأسى به، وأن نطيعه؛ فطاعته من طاعة الله سبحانه وتعالى، وأن نحترمه، وأن لا نرفع أصواتنا عنده، ولا نتقدم بين يديه ونحو ذلك من حقوقه.
بعد ذلك ذكر الإيمان بالكتب، قال: وأنزل عليه كتابه الحكيم وشرح به دينه القويم وهدى به الصراط المستقيم: أنزل الله تعالى عليه كتابه الذي هو هذا القرآن كما أنه آتى كثيرا من الأنبياء كتبا؛ فكذلك نبينا آتاه هذا القرآن قال تعالى: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ وجعله مهيمنا على ما قبله؛ قال تعالى: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ أي محتويا على ما قبله من الكتب؛ فهذا دليل على أنه كتاب حكيم قال تعالى: تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ .
يعني: هذا القرآن حكيم يعني محكم، شرح به دينه، شرح الله تعالى في هذا الكتاب دينه القويم الذي هو الإسلام، وفصل فيه تعاليمه.
وهدى به الصراط المستقيم، قد فسر الصراط المستقيم بأنه القرآن؛ فنؤمن بهذا القرآن، ونعمل به، ونؤمن بالكتب التي قبله، ولكن نعرف أنها كتب أنزلت في حينها، وأن الذين اتبعوها وآمنوا بها على هدى قبل أن تحرف وقبل أن تُنسخ، وما جاء وما بقي منها فإنه منسوخ بهذا القرآن.
ذكر بعد ذلك الإيمان باليوم الآخر قال: وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وأن الله يبعث من يموت؛ كما بدأهم يعودون، الإيمان باليوم الآخر، الإيمان بالموت وما بعده، الموت مشاهد ولكن بعد الموت بعث، وبعد البعث حساب، وبعد الحساب جزاء على الأعمال دقيقها وجليلها؛ فلذلك نؤمن بالبعث بعد الموت، ونؤمن أن الساعة آتية يعني يوم القيامه؛ قال تعالى: وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا أي: لا شك ولا توقف، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ أي كل من مات فإنه يبعث سواء قبر أو لم يقبر؛ فيقول الله تعالى: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ أي: كما أنه بدأكم؛ فلا يشق عليه أن يعيدكم.

أسئـلة
س: يقول السائل: هل من صفات الله -سبحانه وتعالى- الضار النافع وإذا كان نعم، هل يصح أن نسمي بعبد الضار أو بعبد النافع؟
هذا من الأسماء المزدوجة التي لا يذكر واحد منها إلا مع الآخر؛ النافع الضار يعني: لا يقال عبد الضار، يمكن أن يقال: عبد النافع، وعبد المانع، وعبد الضار؛ لكن بعد أن يضاف إلى الله عبد النافع، وأما عبد الضار فلا يجوز، ولم أسمع عن أحد أجاز التعبير عن الغير ببعض الأسماء المزدوجة.
س: يقول السائل: هل صحيح ما نقل عن الإمام البخاري بقوله: لفظي بالقرآن مخلوق، وما معنى ذلك؟
نعم ثبت عن مالك ؛ ولكن اشتهر عن البخاري جادله في ذلك بعض أهل... في زمانه، وهو يريد بلفظي: حركات لساني، حركات لساني وحركات فمي هذه مخلوقه؛ لأن حركات اللسان مخلوقة؛ ولكن منع الإمام أحمد من ذلك؛ لأنه قد يتوصل به إلى المذكور؛ فلا يجوز هذا.
س: يقول السائل: هل صفة الحي القيوم ذاتية وفعلية وهل ثبت أن هذا هو اسم الله الأعظم؟
لا شك أن الحي يستلزم الحياة، وهي صفة ذاتية، وكذلك القيوم قائم على عباده يعني: القائم دائما، والمراقب لهم؛ ولذلك لا تأخذه سنة ولا نوم، اشتهر عن بعض العلماء أن اسم الله الأعظم في غالب الآيات في آية الكرسي، وفي أول سورة آل عمران، وهو قول –يعني- من جملة الأقوال.
س: يقول السائل: أليس الأولى أن يعبر عن أسماء الله وصفاته الأزلية بدل القِدَم؛ لأن القدم قد يهمل بالبداية؟
وهكذا يريدون بالقدم: الذي ليس له أولية، بعض العلماء يذكر ذلك ،كذلك أيضا يعبر بعضهم بالأزلية.
والأزلي: هو الذي ليس له أول، فمنهم من يقول: أزلية، ومنهم من يقول: قديمة، وكلهم قصدهم أنه ليس لها بداية.
س: يقول السائل: ما الفرق بين الاسم والصفة لله -سبحانه- نرجو تبيين ذلك بمثال؟
مثلنا هنا: الرحمن اسم، والرحمة صفة، والرحمن مشتمل على الصفة - على صفة الرحمة- ودلالته على الذات أنه اسم لا يسمى به إلا الله، ودلالته على الرحمة أن مشتق من الرحمة ويقال مثلا: السميع اسم، والسمع صفة، والقدير اسم، والقدرة صفة، فكل اسم من أسمائه مشتق منه صفة، العزيز اسم والعزة صفة وهكذا.
س: يقول السائل: عرف بعض العلماء القرآن بأنه: كلام الله المنزل على رسوله -صلى الله عليه وسلم- منه بدأ وإليه يعود ما مقصودهم بقوله: ( إليه يعود )؟
يعني: في آخر الدنيا عندما لا يعمل به يرفع من المصاحف ويرفع من الصدور، هكذا ورد.
س: هل يعذر من يمشي في طريق البدع والفرق الضالة من صوفية وإباضية وغيرهم ؛ لأنه تعلم من صغره في بلادهم ومدارسهم، ولم يأت أحد يوضح له الحق بطريقة سليمة؟
لا يعذورن في هذه الأزمنة؛ ذلك لأن عليهم أن يبحثوا عن الحق، وأن ينظروا في الأدلة، فالأدلة واضحة والحمد لله سيما في هذه الأزمنة، يمكنهم سماع الإذاعات أو سماع ما يبث عبر الإنترنت، أو كذلك قراءة الصحف التي تنتشر، أو قراءة القرآن وتدبره أو ما أشبه.
س: يقول السائل: هل صفة الكلام ذاتية فقط أو ذاتية وفعلية معا؟
لا شك أن الله -تعالى- متكلم بالذات؛ فهي صفة ذات وأن الكلام أيضا فعل، يعني: أنه فعل بالنسبة إلى ما نعرفه، أما بالنسبة إلى الله -تعالى- فالله أعلم بكيفيتها.
س: يقول السائل: لي قريب كنت أعطيه من الزكاة، واحتاج واستقرض مني بعض المال، هل أحتسب القرض من الزكاة وأشهره بذلك كلما استحق شيئا من الزكاة؟
لا تحسبها من زكاة مالك؛ لكن لو أعطاك غيرك من الزكوات أرسلها، فأما زكاة مالك فإذا أردت أن تعطيه فإنك تعطيه؛ فإن وفاك مما تعطيه فلك أن تأخذه.
س: تقول امرأة: أخذت عمرة، ولبست النقاب، ولبست فوق النقاب غترة فهل في ذلك حرج؟
نرى عليها فدية عن لبس النقاب؛ صيام ثلاثة أيام في أية مكان، فهذا أسهل أو إطعام ستة مساكين من مساكين الحرم .
س: يقول السائل: ما حكم الشروط الجزائية التي تكون في العقود ؟
المسلمون على شروطهم، يلتزم بذلك الطرفان، ولم تكن منافية للشرع، لا تحل حراما، ولا تحرم حلالا.
س: يقول: هل يقال دعاء الركوب في السفر والحضر ؟
الآية عامة سواء على .. يعني سواء كنتم في البلاد أو في السفر.
س: يقول: ما رأي فضيلتكم في تفسير ابن كثير باختصار الصابوني ؟
الصابوني نوع عقيدته أشعري، متمسك بها؛ فيخاف عليه أنه أدخل فيه شيئا من التعديلات، في نظره أنها تعديل، وهي -مع ذلك- تحريف، ونشير بعدم قراءته وهناك اختصار الرفاعي وهو أحسن.
س: تقول السائلة: أنا يأتيني تمر من أقاربي -كإخوتي مثلا- فهل يجوز لي أن أتصدق به لي ولوالديّ؛ قاصدة الأجر لي ولوالديّ؟
يجوز وذلك لأنها ملكته، فكل من ملك شيئا سواء جاء عن طريق الهبة، أو الصدقة أو التبرع جاز أن يتصدق به.
س: تقول السائلة: عندي والدة كبيرة في السن، عمرها تقريبا تسعون عاما، وهي تريد صيام التطوع كالخميس والاثنين، وإذا صامت؛ تعبت فهل لنا ألا نخبرها عن الصيام؛ وأنها تسأل عن أيام الاثنين والخميس لكي تصوم؟
أخبروها عما تسأل عنه ولا تكتموه، وإذا صامت أخبروها بأن لها أن تفطر للمشقة.
س: يقول السائل: هل صحيح أن ابن عباس -رضي الله عنه- أول قوله تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ أي: عن الشدة؟
هناك من ادعى ..أنه أول تفسيرات، ويمكن أنه أخذ ذلك من بعض الأدلة، وقد وردت الأدلة في إثبات الساق صفة لله كما يشاء.
س: يقول السائل: أنا مدرس، فهل يجب أن أجبر طلاب المرحلة الابتدائية على الوضوء في حصة القرآن ؟
يجب ذلك ولو كان في المرحلة الابتدائية؛ يدربهم ويعلمهم والله أعلم، وصلى الله على محمد .