لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
شرح رسالة أبو زيد القيرواني
40413 مشاهدة
إثبات الميزان


وتوضع الموازين لوزن أعمال العباد؛ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ .
ذكر الله -تعالى- الموازين والميزان في عدة آيات؛ في سورة الأعراف وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ .
وفي سورة الأنبياء وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وفي آخر سورة قد أفلح المؤمنون ، وفي سورة القارعة، وجاء أيضا ذلك كثير من الأحاديث، مثل قوله -صلى الله عليه وسلم- والحمد لله تملأ الميزان وغيره من الأحاديث وختم البخاري كتابه بباب ما جاء في إثبات الميزان، واستدل بقوله -صلى الله عليه وسلم- كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن؛ سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم فيه إثبات الميزان، ثقيلتان في الميزان ؛ فدل ذلك على إثبات الميزان، واختلف ما هو الموزون؟ الميزان ماذا يوضع فيه؟ على ثلاثة أقوال:-
القول الأول: أن الذي يوزن هو العامل نفسه، أنه يوزن، واستدل بقوله -تعالى- عن الكفار: فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا يعني: أنهم يوزنون؛ ولكن يخفون، وجاء في الحديث إنه ليؤتى بالرجل السمين الأكول الشروب لا يزن عند الله جناح بعوضة وفي حديث ابن مسعود لما رقى على شجرة ليقطع منها سواكا؛ عجبوا لدقة ساقيه، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- إنهما في الميزان أثقل من جبل أحد يعني: أن الإنسان يوضع في الميزان ويثقل أو يخف بحسب عمله.
القول الثاني: أن الذي يوزن هو صحائف الأعمال، التي كتبت فيها الحسنات والسيئات، أنها توزن، ومع ذلك تخف وتثقل بحسب ما فيها من حسنات أو سيئات، ويستدل على ذلك بحديث البطاقة، ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه ينشر لرجل تسعة وتسعون سجلا فيها سيئاته، ثم يخرج له بطاقة مكتوب فيها لا إله إلا الله محمد رسول الله؛ فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ؛ وذلك لأنه ختم له بهذه الخاتمة الحسنة، تلفظ في آخر حياته بهذه الشهادة، وجاء في الحديث من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة وجاء أيضا في حديث ثقل كلمة لا إله إلا الله في قوله -تعالى- في الحديث القدسي: لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع وضعت في كفة، ولا إله إلا الله في كفة؛ مالت بهن لا إله إلا الله يعني: إذا صدرت من قلب صاف، إذا صدرت عن يقين؛ فإنها تثقل بالسيئات كلها، أما إذا كان يقولها ولكن لا يعمل بها؛ فإنها تخف. فإن موازينه تخف.
القول الثالث: أن الذي يوضع هو الأعمال وأنها تجسد؛ الأعمال تجسد ولو كانت أعراضا؛ بمعنى: أن الصلاة مالها جرم؛ ولكن يجعل الله لها جرما، وكذلك الكلمات مالها جرم، ولكن يجعل الله لها جرما؛ سواء كانت كلمات سيئة أو حسنة؛ فإذا قلت –مثلا- سبحان الله، والحمد لله هل لها جرم؟ الله يجعل لها جراما، ولذلك جاء في الحديث والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض فجعلها الله -تعالى- لها جرم، وكذلك أيضا الكلمات السيئة؛ يكون لها أيضا جرم فتوزن، ككلمات العين والقلب والسمع واللعن والسخرية والاستهزاء والكفر واللسان يجعل الله-تعالى- لها أجراما فتوضع في الميزان فتثقل أو تخف؛ فعلى هذا لا مانع من أن الجميع توزن، يعني: أن الصحائف التي فيها الكتاب توزن، وأن الأعمال تجسد وتوزن، وأن العامل نفسه يوزن، يقول تعالى: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ ِفَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا وَيَصْلَى سَعِيرًا .