(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
شرح رسالة أبو زيد القيرواني
64725 مشاهدة print word pdf
line-top
الحياة البرزخية لأهل السعادة وأهل الشقاء


بعد ذلك يقول: وأن الشهداء أحياءٌ عند ربهم يُرْزَقُون. الشهداء الذين يُقْتَلُون في سبيل الله، ذكر الله تعالى أنهم أحياء، وحياتهم حياةٌ برزخية، معلوم أن أجسادهم دُفِنَتْ في الأرض، وأن أموالهم قُسِّمَتْ بعدهم، وأن نساءهم أُحِلَّتْ بعدهم لمن يتزوجهن، فَدَلَّ على أنهم قد ماتوا؛ ولكن جاء في الحديث: أن أرواحهم في أجواف طير خُضْرٍ، تعلق في شجر الجنة وهذا من خصائصهم، أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ .
أرواح أهل السعادة باقية ناعمة إلى يوم يبعثون، الأرواح بعد خروجها من الأجساد إذا كان أهلها من أهل السعادة فإنها مُنَعَّمَةٌ، ولذلك تبقى منعمة إلى يوم البعث، أيا كانت باقية منعمة إلى يوم البعث.
أما أرواح أهل الشقاوة، فإنها معذبة إلى يوم الدِّين؛ يعني في هذه الدنيا تخرج روح الإنسان، إذا ماتَ خرجتْ روحه؛ فإن كان سعيدا فإنها مُنَعَّمَةٌ، وإن كان شَقِيًّا فإنها مُعَذَّبَةٌ، وأما الجسد فإنه يفنى، ومع ذلك الله تعالى قادِرٌ على أن يُوصِلَ إلى الجسد ولو كان ترابًا بعضا من أنواع العذاب، يوصِلُ إليه العذاب أو النعيم.

line-bottom