محاضرات في شرح نواقض الإسلام وكتاب الجنائز من صحيح البخاري
من جعل بينه وبين الله وسائط
أما الناقض الثاني فهو: (من جعل بينه وبين الله وسائط).
رفع إلى شيخ الإسلام ابن تيمية اسم> سؤال أن قائلا قال: لا بد لنا من واسطة بيننا وبين الله تعالى، فأنكر عليه بعض الحاضرين ورفع السؤال، فأجاب شيخ الإسلام بجوابٍ شافٍ كافٍ، وتسمى تلك الرسالة التي فيها الجواب (رسالة الواسطة) مطبوعة في كتب التوحيد، ومطبوعة أيضا في المجلد الأول من مجموع الفتاوى.
أجاب رحمه الله تعالى بأنه: إن أريد بالواسطة الرسول المبلغ فهذا صحيح، وإن أريد بالواسطة الشفيع في الدنيا فليس بصحيح، بل الله تعالى يسمع عباده؛ يسمع دعاءهم، ولا يحتاج إلى أن يُتوسط بينه وبين أحد، بل العبد يدعوه مباشرة مهما كان، ولكن المشركون أبوا إلا أن يجعلوا وسائط، وادعوا أن أوثانهم وسائط بينهم وبين الله تعالى، فقالوا: إن ملوك الدنيا يحتاجون إلى وسائط، إذا أردت حاجة عند أحد الملوك لا بد من واسطة يشفع لك ويقربك وتقضى حاجتك، فيقولون: هكذا ربنا لا بد أن نجعل بيننا وبينه واسطة، فنقول يا محمد اسم> أنت واسطتنا، ويا عيدروس اسم> أنت واسطتنا، ويا عبد الحق اسم> أنت واسطتنا، ويا يوسف اسم> ويا تاج اسم> ويا بدوي اسم> ويا حسين اسم> ويا علي اسم> ويا سيدة زينب اسم> ويا فلان وفلان أنت واسطتنا، لماذا؟ ادع لنا واشفع لنا، فيتقربون إلى ذلك الواسطة الذي يزعمون أنه يقربهم، ويقولون: إنه يقربنا إلى الله، وإنه يشفع لنا حتى تقضى حاجاتنا، وحتى نعطى حوائجنا.
لا شك أن هذا شرك، وهو قول المشركين الأولين، حكى الله تعالى عنهم ذلك، قال تعالى: رسم> وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قرآن> رسم> ؛ بمعنى أنهم يشفعون لنا كما أن الواسطة يشفع عند الملك، وشبهوا الله تعالى بملوك الدنيا، ملوك الدنيا بشر لا يعلمون الصادق من الكاذب، لا يعرفون ما في الضمير، الرب سبحانه وتعالى يعلم ما في الضمائر، ويعلم ما في السرائر، فلا حاجة به إلى أن يتوسط إليه أحدٌ من خلقه، فهو سبحانه عالم بهم، وعالم بضمائرهم، إذن فالذين يجعلون بينهم وبين الله وسائط يعتبرون قد وقعوا في الشرك وإن لم يشعروا، وقعوا في الشرك؛ أي الشرك الأكبر حيث أنهم يعبدون ذلك الواسطة، ويتقربون إليه، ويدعونه من دون الله، ويصرفون له خالص حق الله تعالى
وكل من دعا معه أحدا | أشرك بالله ولو محمدا اسم> |