شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
محاضرات في شرح نواقض الإسلام وكتاب الجنائز من صحيح البخاري
36952 مشاهدة print word pdf
line-top
من جعل بينه وبين الله وسائط

أما الناقض الثاني فهو: (من جعل بينه وبين الله وسائط).
رفع إلى شيخ الإسلام ابن تيمية سؤال أن قائلا قال: لا بد لنا من واسطة بيننا وبين الله تعالى، فأنكر عليه بعض الحاضرين ورفع السؤال، فأجاب شيخ الإسلام بجوابٍ شافٍ كافٍ، وتسمى تلك الرسالة التي فيها الجواب (رسالة الواسطة) مطبوعة في كتب التوحيد، ومطبوعة أيضا في المجلد الأول من مجموع الفتاوى.
أجاب رحمه الله تعالى بأنه: إن أريد بالواسطة الرسول المبلغ فهذا صحيح، وإن أريد بالواسطة الشفيع في الدنيا فليس بصحيح، بل الله تعالى يسمع عباده؛ يسمع دعاءهم، ولا يحتاج إلى أن يُتوسط بينه وبين أحد، بل العبد يدعوه مباشرة مهما كان، ولكن المشركون أبوا إلا أن يجعلوا وسائط، وادعوا أن أوثانهم وسائط بينهم وبين الله تعالى، فقالوا: إن ملوك الدنيا يحتاجون إلى وسائط، إذا أردت حاجة عند أحد الملوك لا بد من واسطة يشفع لك ويقربك وتقضى حاجتك، فيقولون: هكذا ربنا لا بد أن نجعل بيننا وبينه واسطة، فنقول يا محمد أنت واسطتنا، ويا عيدروس أنت واسطتنا، ويا عبد الحق أنت واسطتنا، ويا يوسف ويا تاج ويا بدوي ويا حسين ويا علي ويا سيدة زينب ويا فلان وفلان أنت واسطتنا، لماذا؟ ادع لنا واشفع لنا، فيتقربون إلى ذلك الواسطة الذي يزعمون أنه يقربهم، ويقولون: إنه يقربنا إلى الله، وإنه يشفع لنا حتى تقضى حاجاتنا، وحتى نعطى حوائجنا.
لا شك أن هذا شرك، وهو قول المشركين الأولين، حكى الله تعالى عنهم ذلك، قال تعالى: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ؛ بمعنى أنهم يشفعون لنا كما أن الواسطة يشفع عند الملك، وشبهوا الله تعالى بملوك الدنيا، ملوك الدنيا بشر لا يعلمون الصادق من الكاذب، لا يعرفون ما في الضمير، الرب سبحانه وتعالى يعلم ما في الضمائر، ويعلم ما في السرائر، فلا حاجة به إلى أن يتوسط إليه أحدٌ من خلقه، فهو سبحانه عالم بهم، وعالم بضمائرهم، إذن فالذين يجعلون بينهم وبين الله وسائط يعتبرون قد وقعوا في الشرك وإن لم يشعروا، وقعوا في الشرك؛ أي الشرك الأكبر حيث أنهم يعبدون ذلك الواسطة، ويتقربون إليه، ويدعونه من دون الله، ويصرفون له خالص حق الله تعالى
وكل من دعا معه أحدا
أشرك بالله ولو محمدا

line-bottom