إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
shape
محاضرات في شرح نواقض الإسلام وكتاب الجنائز من صحيح البخاري
35595 مشاهدة print word pdf
line-top
الإنكار على العلمانيين المستهزئين بالشريعة وأهلها

فهذا الاستهزاء يعم من استهزأ بالعبادات، ومن استهزأ بأهلها، ومن استهزأ بآيات الله تعالى كالذين يستهزئون بآيات القرآن، ويدعون أنه كلام ملفق، ويسخرون من قرائه، لا شك أنهم يدخلون في الوعيد.
الكثيرون يتنقصون حملة القرآن، والذين يجتهدون في حفظه، فيقولون: هؤلاء متأخرون، لا نفع لهم بما يعملونه، قد خسروا حياتهم.
الجواب: أن تقول: بل أنتم الخاسرون، فإن الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ كيف تعتقدون أن من حمل القرآن أو من اجتهد في قراءته أنه قد ضاعت عليه حياته أو ضاع عليه مستقبله؟!
كما يعبرون فيقولون: إن التقدم يكون بهذه العلوم الجديدة، فإذا تعلمنا القرآن واجتهدنا في حفظه فاتنا أن نتعلم هذه الصناعات، وأن نتعلم هذه الأفكار، وهذه العلوم الجديدة التي يحصل بها ابتكار، ويحصل بها اختراع وصناعات وتقدم في الصناعة، أما الذين يشتغلون بعلوم الشرع، فإنهم يعتبرون قد ضاعت عليهم حياتهم.
لا شك أن هذا تنقص لكلام الله تعالى ولحملته؛ فيدخلون في قول الذين قالوا: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء. يعني: الذين سخروا بالقراء، يعني بحملة القرآن.
وقد ابتلي كثيرا من هؤلاء العلمانيين ونحوهم بكثرة السخرية والاستهزاء بأهل الدين، وسخريتهم إنما تقع عليهم على أنفسهم، فقد ينطبق عليهم ما ذكر الله تعالى عن قوم نوح لما أوحى الله إليه: وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ فأخبر الله بأنه كان يصنع الفلك وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ من تكون له عاقبة الدنيا؟ ومن يكون له النصر والتأييد، ومن ينصره الله تعالى.
فنقول لهم: إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ نحن لا نقول: إن تعلم هذه الصناعات وهذه المخترعات حرام ولكن نقول: إن تعلم كتاب الله تعالى، وتعلم سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وتطبيقها والعمل بها أولى بالاهتمام، وأن الذين أعطاهم الله تعالى همة عالية يجمعون بين علوم الدنيا وعلوم الآخرة، ويقدمون علوم الآخرة، فيتعلمون ما ينفعهم، وما يفيدهم في الدنيا، ما يمكنون به في حياتهم، ويتعلمون ما ينفعهم عند الله تعالى، فالحاصل أن هؤلاء ينطبق عليهم ما ذكر الله عن قوم نوح: إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ .
كذلك -والعياذ بالله- الذين يسخرون بالعبادات، ويسخرون بالأخلاق الدينية ينطبق عليهم هذا الوصف، كثير من هؤلاء المتهوكين الخاسرين أعمالا يسخرون من المصلين، إذا قيل لأحدهم: اذهب إلى الصلاة، فيقول: ما نفعتكم صلاتكم، أنتم متأخرون، أنتم فقراء. أو يقول: اذهب فصل عنا، أنت بالنيابة، وكلناك تصلي عنا. على وجه السخرية والاستهزاء، لا شك أن هذا سخرية بهذه العبادة التي جعلها الله تعالى قربة وفضيلة وميزة للمؤمنين، فالذين يسخرون من المصلين لا شك أنهم يسخرون من الرب سبحانه، لأنه الذي شرع هذه الصلاة لنا، ويسخرون من النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه الذي تعبد بها، وحث على التعبد بها، والسخرية بالله والسخرية بآياته كفر كما ذكرنا، كما ذكر في الآيات التي مرت.
وهكذا أيضا سمعنا من بعض الإخوان أن إنسانا يعرفه يقول: من ضعف عقولكم أنكم تطوفون بتلك الحجارة المبني بعضها على بعض، يعني الطواف بالبيت الحرام يتنقص الذين يطوفون بالبيت، ويقول: إنكم تطوفون بكومة طين وحجارة ماذا تنفعكم؟ لا شك أن هذا أيضا سخرية بأمر الله تعالى، وبدينه وبشريعته؛ فإنه الذي أمر بذلك بقوله: وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ .
وأهل الإيمان يعتقدون أن الطواف بها عبادة، كما أن الصلاة في المساجد عبادة، وكما أن عمارة المساجد عبادة وقربة وطاعة، فلا يقال: إن هذه العبادة تعظيم للمساجد، يعني هذه الصلاة، بل إنها تعظيم لله تعالى، ولا أن عمارة المساجد ورفعها يكون تعظيما لهذه البنيان، بل إنه تعظيم لله تعالى وعبادة له، ورفع لبيوته التي أذن الله أن ترفع.
وكذلك يتمسخر كثير من هؤلاء المتهوكين بشعائر الإسلام، مثل سخريتهم بأهل الصدقة ، يعني إذا رأوا الذين يتصدقون سخروا منهم وقالوا: أتنفقون أموالكم لتبقون فقراء؟ أتعطون من لا يفيدكم؟ أتعطون هؤلاء الكسالى والضعفاء؟
ذكر الله تعالى عن المنافقين أن هذا من شأنهم، قال الله تعالى: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ نزلت هذه الآية في بعض المنافقين، لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصدقة جاء رجل من الفقراء بصدقته بصاع من تمر، فقال المنافقون: إن الله غني عن صاعه، إن الله غني عن صاع فلان. ما فائدة هذا الصاع؟ نسوا أن النبي صلى الله عليه وسلم حث على الصدقة، وقال: اتقوا النار ولو بشق تمرة .
جاء آخر بطعام كثير وبنقود وبأموال كثيرة فاتهموه بأنه يرائي، أنه ما جاء بذلك إلا رياء، حيث تطوع بهذا المال الكثير، قال الله تعالى: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ اللمز: هو العيب يلمزونهم يعني يعيبونهم ويتنقصونهم، والمطوعين: أهل التطوع الذين يتطوعون بالصدقة، ويتطوعون بالأعمال الصالحة، فاللمز لهم عيبهم، يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ ويلمزون الذين لا يجدون إلا جهدهم فيتصدقون بالقليل، فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سخرية تنقص يقول الله: سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ لا شك أن هذا من أعمال المنافقين.
من أعمالهم أيضا قول الله تعالى: وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ نقول للمؤمنين: إننا مؤمنون، ونحن نستهزئ بهم، اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ فإظهارهم بأنهم من المؤمنين وهم ليسوا كذلك، لا شك أن هذا دليل على أنهم كفار في الباطن؛ لأنهم يقولون لأوليائهم ولشياطينهم: إنَّا مَعَكُم إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ يعني: نظهر لهم أننا معكم؛ فدل على أن هذا الإظهار من صفات المنافقين، استهزاؤهم بالمؤمنين.
كذلك وصف الله تعالى الوليد بن المغيرة بقوله تعالى: هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ الهمز هو العيب، يعني يعيب أهل الخير، وكذلك توعد من يفعل ذلك بقوله: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ يعني هماز ولماز بأهل الخير يعني عيبا لهم وقدحا في عدالتهم، وقدحا وتنقصا في عقولهم؛ فيدخل في ذلك كل من استهزأ بعمل من الأعمال الشرعية؛ فإنه يستهزئ في الحقيقة بمن شرع ذلك.
كذلك نسمع وتسمعون الكثير من الذين يسخرون بشعائر المسلمين ؛ فيسخرون مثلا باللحى؛ إذا رأوا الملتحي يعيبونه، ذكر بعض الإخوة الذين كتبوا في ذلك أنه يسمع بعضهم يقول إذا رأى الملتحي يقول: كأن لحيته ذنب تيس. لا شك أن هذا سخرية، أو كأنها مكنسة بلدية، يعيبه بإعفائه وباقتدائه بنبيه صلى الله عليه وسلم هذا تنقص للسنة.
وكذلك أيضا تنقصهم لبعض الأعمال التي هي من السنة، إذا رأوا من رفع ثوبه من المتمسكين إلى نصف الساق اتباعا للسنة؛ عابوه وسخروا منه بهذا الفعل، وكذلك أيضا عيبهم له بمحافظته على الأعمال الشرعية، لا شك أن هذا كله يعتبر تنقصا واستهزاء فيدخل -والعياذ بالله- في مثل هذا الوعيد في هذه الآيات.
ننتبه لمثل هذا، ونُحذِّر من يفعل ذلك أن هذا من الكفر والعياذ بالله، ونبين لهم خطر هذه الكلمات، ولو أنهم يدعون أنهم يمزحون، وأنهم لم يكونوا يعتقدون ذلك، وأنهم يتفكهون بذلك في المجالس؛ يجعلون أعراض أهل التمسك يجعلونها فكاهة لهم في مجالسهم، فلان يفعل كذا وكذا، فلان يدعو إلى كذا، على وجه التنقص له، إن التنقص للمؤمنين تنقص لإيمانهم، والتنقص بالإيمان تنقص لمن شرعه ولمن أمر به.

line-bottom