الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
محاضرات في شرح نواقض الإسلام وكتاب الجنائز من صحيح البخاري
29402 مشاهدة
المراد بالشرك

فنقول أولا: الشرك هو جعل العبادة مشتركة بين الخالق والمخلوق، أيا كانت تلك العبادة، إذا جعل دعاءه بعضه لله، وبعضه لمخلوق أصبح قد جعل الدعاء مشتركا، فسمي مشركا، وإذا جعل طاعته الطاعة الظاهرة لله، ولغير الله فقد أشرك في الطاعة، وإذا جعل الخوف مشتركا بين الخالق والمخلوق فقد أشرك في هذه العبادة، وكذلك بقية أنواع العبادات إذا جعل شيئا منها مشتركا، أي: بعضه للخالق وبعضه للمخلوق صدق عليه أنه مشرك.
ولا شك أن الشرك تنقص للخالق سبحانه، وأنه رفع للمخلوق حتى يكون في رتبة الخالق، تنقص الله تعالى يعتبر قدحا في ربوبيته، وقدحا في إلهيته، وقدحا في كماله وكمال صفاته، وذلك القدح يعتبر كفرا؛ لأنه عيب يعيب به هذا المشرك ربه تعالى؛ فيكون بذلك قد تنقص الخالق، ورفع رتبة المخلوق، وجعل للخالق جزءا من حقه، والجزء الثاني لغيره فكان بذلك كافرا هذا هو السبب في كون الشرك من أعظم الذنوب .
فأولا: أخبر الله تعالى أن الشرك لا يغفر ، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا وقال في موضع آخر: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ذكر الله أنه لا يغفر أن يشرك به في هذين الموضعين من سورة النساء، ومعنى ذلك: أنه لعظمه لا يغفره الله، لا بد أن يعذب عليه، لا بد أن صاحبه يناله عذاب إلا أن يتوب، فإن تاب قبل موته كفر الله عنه ما وقع فيه، وإن مات مصرا على هذا الشرك فإنه لا يغفر. بل لا بد أن يعاقب عليه.