شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
shape
محاضرات في شرح نواقض الإسلام وكتاب الجنائز من صحيح البخاري
40608 مشاهدة print word pdf
line-top
الناقض التاسع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى

أما الناقض التاسع هو، ذكروا أن موسى ديانته أو رسالته خاصة بقومه، فلذلك لم يكن أهل زمانه كلهم مكلفين برسالته فوسع الخضر أن يخرج عن رسالته؛ فلذلك نقول من اعتقد أن أحدا من الناس يسعه الخروج عن هذا الدين وأن له أن يدين بدين أخر فإنه كافر ولو استدل بقصة موسى وأن موسى اقتصرت ديانته على قومه أو على قوم فرعون .
نقول ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم– قال: كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة فنبينا صلى الله عليه وسلم رسالته عامة كما قال تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا وقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ ويدل على ذلك خطابته بلفظ يا أيها الناس كقوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ يا أيها الناس كلمة الناس يدخل فيها جميع الخلق عربهم وعجمهم فرسالته عامة فليس لأحد أن يخرج عن رسالته، وأن يدعي أنه على دين سماوي ولا يلزمه اتباع هذا النبي الكريم.
وذكر ابن القيم رحمه الله أنه جادل رجلا نصرانيا أو يهوديا وقال له: أنتم باعتقادكم تشتمون الله، وتتنقصون ربكم تنقصا عظيما؛ لأنكم تدعون أن محمدا كاذب وأن الله مع كونه كاذب أيده ونصره وأعزه وأظهر دينه، وأظهر الإسلام على يديه، ونشر الإسلام في أرجاء البلاد، والله يقويه ويؤيده ويمده بالقوة وهو مع ذلك مفتر كذاب في زعمكم، فقال ذلك اليهودي: لا نقول أنه كذاب بل نقر بأنه رسول ولكن نقول: إن رسالته خاصة إلى العرب، فلا يكون رسولا إلى غير العرب فقال: إذا فقد كذب في قوله إن رسالته عامة ومع ذلك أيده الله وهو كاذب في زعمكم حيث ادعى أن رسالته عامة.
فالحاصل أن هذه شبهتهم يقولون إن رسالته إلى العرب خاصة، لا شك أن هذا طعن في الله تعالى، فالحاصل أن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم عامة لكل من على وجه الأرض ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم يموت يوم يموت ولا يؤمن بي إلا دخل النار ؛ وذلك لأن رسالته خاتمة الشرائع ودينه خاتم الأديان، فلابد أن يكون عاما لكل من على وجه الأرض فليس بعد دينه دين ينسخه، وليس بعد القرآن قرآن يغيره فكان بذلك ملزما أهل الأرض أن يدخلوا في دينه فلا يسع أحدا أن يخرج عن دينه وأن يدين بغيره.
كذلك أيضا لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم نسخ ما قبله من الأديان ، فالتوراة التي عند اليهود ما فيها من حق منسوخ، وكذلك أناجيل النصارى ما فيها من حق فإنه منسوخ بهذا القرآن الكريم، روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى مع عمر أوراقا استنسخها من اليهود فغضب لذلك وقال: لقد جئتكم بها بيضاء نقية أمتهوكون يا ابن الخطاب لو كان أخي موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي إذا كان موسى لو كان حيا دان بهذه الرسالة، فكيف يقول أحد الأفراد: دين محمد يختص بكم أيها العرب ونحن على ديننا الأصل الذي هو أقدم من دينكم، نقول: إن هذا قول باطل لا يجوز اعتقاده.
ومعلوم أيضا أن دين الإسلام لا يتجزأ ، بل يلزم من دان به أن يقبله كله وألا يقبل بعضه ويرد بعضه، فإن ذلك تصديق له في البعض دون البعض فالذين يقولون نأخذ من الدين ما يناسبنا ونرد ما لا يناسب، هؤلاء أيضا ما صدقوه بما جاء به أو ادعوا أن دينه إنما يناسب زمانا دون زمان وهذا أيضا طعن في رسالته.

line-bottom