لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
shape
أسماء الله وصفاته
31502 مشاهدة print word pdf
line-top
إثبات صفة الكلام لله تعالى

ننتقل إلى صفة الكلام وهي أيضا صفة كمال، وهذه الصفات الثلاث، ذكرنا: أن الأشاعرة أثبتوها، وقالوا : إن الحي إذا أثبتت له الحياة فلا بد أن يكون سميعا أو ضده بصيرا أو ضده متكلما أو ضده .
فالأشاعرة أثبتوا صفة الكلام، وأثبتوا أن القرآن كلام الله؛ ولكن لم يثبتوه حقيقة -لم يثبتوا الكلام حقيقة كما أثبته أهل السنة- المعتزلة يصرحون بأن الله لا يتكلم، ويصرحون بأن الكلام كلام الله الذي هو القرآن هو مخلوق، الأشاعرة يقولون: إن الله يتكلم؛ ولكن ينفون الكلام الحقيقي، وكذلك أيضا يثبتون أو يقولون: إن كلام الله هو المعنى ليس اللفظ، وينكرون أن الله يتكلم بكلام مسموع.
أهل السنة يثبتون أن الله تعالى متكلم، ويتكلم إذا شاء، ولهم أدلة على ذلك، أدلة جلية ظاهرة، فمن الأدلة ما ذكر الله تعالى: أنه كلم موسى وهذا نص في قول الله تعالى: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا أكده بقوله: تكليما يدل على أنه سمع كلام الله، ثقلت هذه الآية على المعتزلة، ذكر أن أحدهم جاء إلى أبي عمرو القاري أحد القراء السبعة من أهل العراق فقال: أريدك أن تقرأها بلفظ وكلم الله َ موسى تكليما، يريد بذلك أن موسى هو المكلِّم ليس الله أي أن موسى كلم الله .
ولكن أبا عمرو رحمه الله خصمه فقال: هب أني قرأتها كذلك، أو أنك قرأتها أنت كذلك، فكيف تصنع في قول الله تعالى في سورة الأعراف: وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ فبهت ذلك المعتزلي، حيث إن هذه الآية لا يمكن تصحيفها، لا يمكن أن يحرفها تحريفا لفظيا، وهي صريحة بأن ربه هو المكلِّم وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ كذلك خصه الله تعالى بلفظ الكلام، في قوله تعالى: إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي وإنه صريح في أنه خصه بكلامه الذي سمعه منه إليه.
وقد ذكر شيخ الإسلام أن المعتزلة حرفوا قوله وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى فقالوا: إن التكليم هنا هو التجريح أي: جرحه بأظافير الحكمة ؛ لأن الكلم هو: الجرح، في الحديث ما من مكلوم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمي فهذا حملهم عليه إنكار هذه الصفة، جرحه لا شك أن التجريح يعتبر عذابا، والله تعالى أكرم من أن يعذب نبيه وكليمه موسى ثم يرد عليه بالآية التي ذكرنا إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فإنه صريح، ولم يقل: بتكليمي أو بتجريحي، وبكلامي، ثم يرد عليهم بآيات النداء، وبآيات المناجاة في حق موسى في عدة مواضع مثل قوله تعالى: وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا النداء لا يكون إلا بكلام مسموع، أنت إذا قلت: ناديت فلانا، معناه صوتت له حتى سمع نداءك، فالله تعالى نادى موسى في المنظومة الشيبانية يقول:
على الطـور نـاداه وأسمعـه الندا
....................................

ناداه وأسمعه النداء، والنداء لا يكون إلا بكلام ومثله قوله تعالى: وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ناداه، ومثله قوله تعالى: هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى النداء: لا يكون إلا بالكلام، وكذلك أيضا أثبت الله أنه ينادي في قصة الأبوين وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ النداء: لا يكون إلا بكلام مسموع، وفي الآخرة يقول الله تعالى: وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ في سورة القصص في ثلاثة مواضع وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ الندا لا يكون إلا بكلام تعرفه العرب يقول شاعرهم:
فقلـت ادعـي وأدعـو إن أنــدى
لصــوت أن ينــادي داعيــان

ينادي داعيان، أثبت أنه صوت، وكذلك ورد في الحديث أن الله تعالى يقول يوم القيامة: يا آدم فيقول: لبيك ربنا وسعديك؛ فينادي بصوت، إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار فأثبت أنه ينادي وأنه بصوت، وكذلك قوله في آية مريم وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا والنجي: هو الذي يكلم كلاما خفيا، فدل على أنه ناداه، وأنه ناجاه بكلام سمعه موسى لا شك أن هذا دليل واضح على إثبات صفة الكلام، وقد أخبر الله تعالى بأنه متكلم، وأن كلامه لا يحيط به أحد فقول الله تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ يريد : أنها كملت عن أن يلحقها نقص أو يلحقها عيب أو وصمة أو خلل؛ بل كلمات الله تعالى كلام تام يعني: أنه منزه عن الخلل وعن العيب الذي يكون في كلام الإنسان، أي: في جنس كلام الناس، كذلك قوله تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ يعني: تكلم وأخبر بأنه يملأ جهنم من الجنة والناس، أي: أنه لا بد أن يتم ما قاله وما تكلم به، كذلك أيضا أخبر تعالى بأن كلامه لا يحيط به محيط، في قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ وكذلك قوله: قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا أي: لو أن جميع أشجار الأرض من أول الدنيا إلى آخرها كانت أقلاما، وأن البحار الدنيوية ومثلها معها سبعة أبحر كانت مدادا يكتب به، فكتب بتلك الأقلام، وكتب بذلك المداد لتكسرت الأقلام ولنفد ذلك المداد قبل أن تنفد كلمات الله، وذلك لأنه ليس لها نهاية ليس لها بداية ولا نهاية والمخلوقات لها بداية ونهاية، البحر له بداية ونهاية، مع أنا لو شاهدنا بحار الدنيا، لعرفنا عمقها ولاستبعدنا أنها تنفد، ولكن أخبر الله تعالى بأن كلامه لا يحيط به محيط، وليس له نهاية، دليل على إثبات كلام الله تعالى يثبت الله تعالى لنفسه القول في القرآن. يكثر قال الله كقوله تعالى: إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ ثم قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ إلى قوله : قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ وجاء أيضا بلفظ المضارع كقوله وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وجاء بلفظ المصدر كقوله تعالى: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا وجاء بلفظ الحديث وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا .

line-bottom