إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
shape
شرح أصول السنة لإمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى 164-241 هـ
53538 مشاهدة print word pdf
line-top
قتال اللصوص والخوارج

38- وقتال اللصوص والخوارج جائز إذا عرضوا للرجل في نفسه وماله، فله أن يقاتل عن نفسه وماله، ويدفع عنها بكل ما يقدر، وليس له إذا فارقوه أو تركوه أن يطلبهم، ولا يتَّبع آثارهم، ليس لأحد إلا الإمام أو ولاة المسلمين، إنما له أن يدفع عن نفسه في مقامه ذلك، وينوي بجهده أن لا يقتل أحدًا، فإن مات على يديه فيدفعه عن نفسه في المعركة فأبعد الله المقتول، وإن قُتِل هذا في تلك الحال وهو يدفع عن نفسه وماله رجوت له الشهادة، كما جاء في الأحاديث. وجميع الآثار في هذا إنما أمر بقتاله . ولم يؤمر بقتله ولا اتباعه، ولا يُجيز عليه إن صرع أو كان جريحًا. وإن أخذه أسيرًا فليس له أن يقتله، ولا يقيم عليه الحد، ولكن يرفع أمره إلى مَن ولاه الله فيحكم فيه.


اللصوص هم الذين يعتدون على الأموال، ومثلهم أيضًا المحاربون وقُطاع الطريق ونحوهم، وهؤلاء بلا شك -فيما يظهر- من المسلمين، فإذا شهروا سلاحهم فإنهم يقاتلون بما يندفعون به، وقد ذكر الله أنهم يرد أمرهم، إلى قوله -تعالى- إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا .
فإذا دخل اللصوص في بيت من البيوت لأخذ مال فإن صاحب البيت يدفعهم بالتي هي أحسن ، ولا يبدؤهم بالقتال رأسًا، إذا لم يبلغوا أن يقاتلوا بل إنما دخلوا مثلا لأخذ مال أو اختلاس أو نحو ذلك، ولكن إذا رأى منهم القوة ورأى منهم الجد قاتلهم.
وقد روي عن ابن عمر أنه دخل عليه مرة لص فأصلت السيف في وجهه ولولا أن أبناءه قبضوه لقتل ذلك اللص، وكأنه عرف منه أنه معتدٍ، وأنه جاء لأجل الفساد، أو أنه ليس من أهل العصمة.
ولكن حين وردت الأدلة بمنع القتل فإنهم يدفعون بالتي هي أحسن، وأنه إذا جرح أحد منهم فلا يجاز عليه، يعني لا يتمم قتله ولا يتبع مدبرهم المنهزم منهم، بل يُترك، فقد دل ذلك على أنهم لم يخرجوا من الإسلام.
فيهددهم ويخوفهم بعدما يذّكرهم، فإذا لم ينفع فيهم التذكير ولا التخويف ولا التهديد أظهر لهم أن عنده من القوة ما يدفعهم وما يردهم، فإذا لم يندفعوا استعمل القوة بأدنى مراتبها.
فإن كانوا يكتفون بضربهم بالعِصِيِّ اكتفى بذلك، ولم يستعمل السلاح، فإذا لم يُكَفُّوا استعمل السكين مثلا دون السيف، وإذا لم يُكَفُّوا استعمل السيف أو ما يُقتلون به أو ما يقاتل به في هذه الأزمنة كالرصاص ونحوه استعمل ذلك لدفع كيدهم ولدفع شرهم؛ وسواء كان اعتداؤهم لأجل قتله، أو لأجل ماله، أو لأجل محارمه، أو ما أشبه ذلك، كل هؤلاء من اللصوص المعتدين، يدفعون بما يندفع به شرهم، أو يرفع بأمرهم إلى من يأخذ على أيديهم.

line-bottom