الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
shape
شرح أصول السنة لإمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى 164-241 هـ
53379 مشاهدة print word pdf
line-top
ترك المراء والجدال

4- وترك المراء والجدال والخصومات في الدين


هذه الثلاثة تدل على معنى واحد أو متقارب، فالمراء مشتق من المرية.
قال في لسان العرب مادة (مرا): والامتراء في الشيء الشك فيه، وكذلك التماري، والمراء المماراة والجدل، والمراء أيضًا من الامتراء والشك، وفي التنزيل العزيز: فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وأصله في اللغة الجدال، وأن يستخرج الرجل من مناظره كلامًا ومعاني الخصومة.. وقد مارَاه مماراة ومراء وامترى فيه وتمارى: شك. اهـ.
وفي حديث السائب بن عبد الله المخزومي عند أحمد في المسند أنه كان شريك النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل الإسلام، قال: فكان لا يُدَاري ولا يماري .
وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: المراء في القرآن كفر أي: المجادلة والنزاع فيه بما يوجب الشك، ويوقع في المرية.
ولكن المراء المذكور هنا يعم المراء في أمور الدين كلها كالجدال في القدر، وأفعال العباد، والمراء في أسماء الله وصفاته في معانيها وما تدل عليه، وكذا في الأمور الغيبية من عذاب القبر، وصفته وما بعده، وغير ذلك، فإن أهل السُّنّة يتوقفون عن ما لا يظهر لهم، ولا يجادلون أهل البدع، ولا يتنازعون في أمور الغيب التي ما أطلعهم الله عليها، وذلك من جملة عقيدتهم، حتى يجدوا دليلا يقولون به، والله أعلم.

line-bottom