إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
شرح أصول السنة لإمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى 164-241 هـ
41427 مشاهدة
الشهادة بالجنة أو النار لمعين

39- ولا نشهد على أحد من أهل القبلة بعمل يعمله بجنة ولا نار، نرجو للصالح، ونخاف عليه، ونخاف على المسيء المذنب، ونرجو له رحمةَ الله.


هذا من عقيدة أهل السُّنّة، أنهم لا يجزمون لأحدٍ بجنة ولا نار ولو انطبقت عليه بعض الأحاديث، فهناك أحاديث في الوعيد، وهناك أحاديث في الوعد، فيقولون: إن أمره إلى الله -تعالى-.
مثلا قوله -صلى الله عليه وسلم- إن الله حرَّم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله .
هذا من أحاديث الوعد فليس كل من رأيناه يقولها نقول: هذا من أهل الجنة، هذا محرم على النار؟ بل نقول: هذا أمره إلى الله؛ لأن الإخلاص غيبي؛ كذلك أيضًا قوله -صلى الله عليه وسلم- لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كِبر .
وقوله: لا يدخل الجنة قَتَّات أو نمّام .
هل نقول: إن هؤلاء من أهل النار؟ لا. فإن أمرهم إلى الله، وما في قلوبهم خَفِيٌّ، فلا نجزم لأحد بجنة ولا نار؛ بل نقول هؤلاء من العصاة الذين وردت فيهم هذه الأدلة، أمرهم إلى الله، إن شاء عذَّبهم، وإن شاء غفر لهم.
وهؤلاء وُعِدُوا بالثواب ووُعِدُوا بالمغفرة، وأمرهم إلى الله إن شاء كمل ذلك وأثابهم، بأن رحمهم وأدخلهم الجنة، وإن شاء عاقبهم على ما عملوه، والله أعلم بكيفية ذلك.
هذا معنى كون أهل السُّنّة لا يجزمون لمُعين بجنة ولا نار، إلا مَن جزم له النبي -صلى الله عليه وسلم- كالعشرة ونحوهم من الذين ورد تسميتهم أنهم من أهل الجنة وكالذين ورد عنهم أنهم من أهل النار كأبي لهب في قوله -عز وجل- سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ ونحوهم ممن وردت النصوص في أنهم من أهل العذاب .