الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
شرح أصول السنة لإمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى 164-241 هـ
56780 مشاهدة print word pdf
line-top
الجنة والنار مخلوقتان وموجودتان الآن

49- والجنة والنار مخلوقتان قد خُلِقَتَا كما جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخلت الجنة فرأيت قصرًا ورأيت الكوثر واطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها ... كذا واطلعت في النار فرأيت ... كذا وكذا فمن زعم أنهما لم تخلقا فهو مكذِّبٌ بالقرآن وأحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا أحسبه يؤمن بالجنة والنار .


هذا أيضًا من الإيمان باليوم الآخر، أي: الإيمان بأن الجنة موجودة الآن مخلوقة، وكذلك النار خلافًا لبعض الفلاسفة والمعتزلة ونحوهم، الذين يقولون: إنما يُنْشِئهما الله في يوم القيامة، وأما الآن فليستا بموجودتين، فإذا كانت الأحاديث صريحة بأنه -صلى الله عليه وسلم- قد أخبر بأنه دخل الجنة، ورأى فيها كذا وكذا، وأُري النار، ورأى فيها كذا وكذا، فهذا دليل على أنهما موجودتان ومخلوقتان، وإنما يوم القيامة يخرجان في قول الله -تعالى- وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ يعني: أظهرت وبرزت الجحيم للغاوين، ففي يوم القيامة تبرز، ويقول في الحديث: يُجاء يوم القيامة بجهنم يعني: تفسيرًا لقوله -عز وجل- وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يُجاء بها يجرها الملائكة، كما أخبر في الحديث.

line-bottom