الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
شرح أصول السنة لإمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى 164-241 هـ
43056 مشاهدة
الإيمان بالميزان يوم القيامة

18- والإيمان بالميزان يوم القيامة، كما جاء: يوزن العبد يوم القيامة فلا يزن جناح بعوضة . وتوزن أعمال العباد كما جاء في الأثر والإيمان به والتصديق به، والإعراض عن مَن رد ذلك وتركُ مجادلته.


من أصول أهل السُّنّة الإيمان باليوم الآخر، والإيمان بما أخبر الله به في اليوم الآخر، ومن ذلك أنه أخبر بالميزان، قال الله -تعالى- وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا .

قيل: إن العبد نفسه يُوزن، والدليل قوله -تعالى- فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا .
وفي الحديث: يؤتى بالرجل السَّمين الأكول الشَّرُوب فلا يزن عند الله جناح بعوضة .
وقيل: إن الأعمال تجسد وتوزن، والله قادر على أن يجعلها أجسادًا ولو كانت أعراضًا، فتجعل الصلاة جسدًا وتوزن، وكذلك الذِّكر، وكذلك الصوم وما أشبه ذلك، وتُوزن أيضًا السيئات فتجعل هذه في كِفَّة وهذه في كِفَّة.
وقيل: إن الذي يُوزن هو الصحف التي تكتب فيها الأعمال والسجلات التي سجلت فيها الأعمال سيئات وحسنات هي التي توضع في كِفَّتي الميزان، وبكل حال يؤمن العباد بذلك: فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ .
فهذه أدلة واضحة على ثبوت الميزان ولا عبرة بمن أنكره كالفلاسفة ونحوهم، وقالوا: إنما يحتاج إلى الميزان البقّالون والباعة ونحوهم، نقول: إن هذا من إظهار العدل من الله -تعالى-.