الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. logo إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
shape
شرح أصول السنة لإمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى 164-241 هـ
56773 مشاهدة print word pdf
line-top
السمع والطاعة لولاة الأمور

31- والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين البر والفاجر ومَن وَلِيَ الخلافة، واجتمع الناس عليه ورضوا به، ومن عَلِيَهم بالسيف حتى صار خليفة وسُمِّيَ أمير المؤمنين .
32- والغزو ماض مع الأمراء إلى يوم القيامة -البر والفاجر- لا يترك.
33- وقسمة الفيء، وإقامة الحدود إلى الأئمة ماض، ليس لأحد أن يطعن عليهم، ولا ينازعهم.
34- ودفع الصدقات إليهم جائزة نافذة، من دفعها إليهم أجزأت عنه بَرًّا كان أو فاجرًا .
35- وصلاة الجمعة خلفه، وخلف مَن ولاه؛ جائزة باقية تامة ركعتين، من أعادهما فهو مبتدع، تارك للآثار، مخالف للسنة، ليس له من فضل الجمعة شيء؛ إذا لم يَرَ الصلاة خلف الأئمة -من كانوا- برهم وفاجرهم، فالسُّنّة بأن يصلي معهم ركعتين ويدين بأنها تامة، لا يكن في صدرك من ذلك شك .


هذا الكلام قاله ردًّا على الخوارج الذين يخرجون على الأئمة، وردًّا أيضًا على المعتزلة الذين يبيحون الخروج على الأئمة، ويجعلون ذلك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والأئمة هم الذين تتم لهم الولاية، ويستولون على الأمة الإسلامية؛ سواء بعهد ذلك الوالي بأن عَهِدَ إليه من قِبَلِهِ، أو بالقوة من ذلك الوالي بأن أخذ الولاية بالقوة، وتولى عليهم بالغلبة، كل هذا بلا شك إذا تمت له الولاية وجبت الطاعة له، والسمع له، وحرم الخروج عليه.
وذلك لأن الخروج على الأئمة يسبب فتنًا وضررًا على المسلمين.
وكم حصل بسببه من القتل؟!
وكم حصل بسببه من السجن، وإضرار المسلمين، واضرار علماء المسلمين؟!
فلأجل ذلك قالوا: يجب السمع والطاعة لولاة الأمور، واستدلوا بقوله -صلى الله عليه وسلم- أوصيكم بالسمع والطاعة -يعني لولاة الأمور- وإن تأمّر عليكم عبدٌ حبشي، مجدَّع الأطراف، كأن رأسه زبيبة أمر بأن يُسمع له ويطاع إلا أنهم لا يطاعون في معصية؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ولكن لا يجوز أن يُخرج عليهم بالسيف، ولا تنزع الطاعة من أيديهم.
أما الأعمال التي تُعمل معهم، فهي أن الإمام غالبًا هو الذي يتولى الغزو، ويتولى الحج، فيقول العلماء: الحج والجهاد ماضيان مع الأمراء أبرارًا كانوا أو فجارًا، فإن هذا من خير أعمالهم، فإذا تولى على الجيش الذي يغزو والٍ؛ وكان معه شيء من الفسق كشرب الخمر أو سماع الغناء أو نحو ذلك، لم يكن ذلك مسببًا لنزع اليد من طاعته، وكذلك لو أقام الحج أحد الولاة والأمراء المعروفين بشيء من الفسق، فإن ذلك أيضًا من حسناتهم، ولا يجوز نزع الطاعة، ولا الخروج عليهم.
وكذلك أيضًا يقسمون الأموال، وأن قسمة الفيء وقسمة الغنائم وقسمة الأموال تكون إليهم، يضعونها كما أمر الله، ويفرقونها على مستحقيها، وتقبل منهم.
وكذلك أيضًا دفع الصدقات والزكوات إليهم وما أشبهها، ومن دفعها إليهم فإنه تبرأ ذمته، ولا يلزمه أن يخرجها مرة أخرى.
وبكل حال ولاة الأمور الذين لهم الولاية العامة تجب طاعتهم ما لم يأمروا بمعصية، ويحرم الخروج عليهم، ونبذ طاعتهم لما يترتب على ذلك من المفاسد والفتن.
وكذلك تصح الصلاة خلفهم، وكان الولاة هم الذين يصلون بهم الجُمع والأعياد، فالوالي هو الذي يتولى صلاة الجمعة والعيد، ولو كان معهم شيء من الفسق أو من المعاصي.
وذهب بعض المبتدعة إلى أنه لا تجوز الصلاة خلفهم، ولو كان الإمام أميرًا أو واليًا، وصاروا يعيدون إذا صلوا خلفه، وهذا من التشدد والتنطع، وقد كان الصحابة يصلون خلف الأئمة أو الأمراء الذين معهم شيء من الفسق، كالحجاج وابن زياد والوليد بن عقبة ونحوهم، ولا يعيدون الصلاة.

line-bottom