من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
شرح أصول السنة لإمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى 164-241 هـ
46429 مشاهدة
مقدمة المحقق

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد:
فهذه رسالة في أصول السُّنّة لإمام أهل السُّنّة أحمد بن حنبل -رحمه الله- وهي بحق أصول وقواعد لأهل السُّنّة.
وقد قام بشرحها فضيلة شيخنا العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حفظه الله ورعاه؛ لأهميتها وحاجة طلاب العلم وعامة الناس إليها.
وقد تشرفت بطبع هذا الشرح دار الصميعي وفَّقها الله؛ وحيث إنه لم يُعتنَ بتخريج الآيات والأحاديث وضبط المتن على مخطوطات ونحو ذلك، فقد عزمتُ على الاعتناء بها وخدمتها عَلَّ الله أن ينفع بها، والله الموفق.

وكان عملي في الكتاب على النحو التالي:
1- اعتمدتُ في المتن على النسخة التي قام بتحقيقها الأخ المفضال الوليد بن محمد نبيه بن سيف النصر والتي قدم لها الشيخ محمد عيد عباسي .
2- اعتمدت في الشرح على النسخة التي نشرتها دار الصميعي، وقد طلبت من الشيخ الشارح أن يشرح بعض الجمل التي لم تشرح في النسخة المطبوعة.
3- عزوتُ الآيات إلى مواضعها في القرآن الكريم، كما خرَّجت الأحاديث من مصادرها قدر الإمكان.
4- قدمت للكتاب بترجمة مختصرة للإمام أحمد بن حنبل وقد اختصرتها من رسالة بعنوان (إمام الصابرين أحمد بن حنبل ) للشيخ عبد العزيز المسند ؛ ورسالة بعنوان: (نماذج من الدعاة الصالحين) للشيخ أبي بكر الجزائري .
5- صنعتُ مجموعة من الفهارس تخدم الكتاب، كفهرس للمراجع، وفهرس للآيات، وفهرس للأحاديث، وفهرس تفصيلي للموضوعات.
6- بعد الانتهاء من العمل في هذا الكتاب، قمتُ بعرضه على فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين (الشارح)، فقام وفَّقه الله بمراجعته وتصحيحه والتقديم له، وقد شرح الشيخ بعض الجمل التي لم تشرح في الطبعة السابقة.
هذا، وأسأل الله -تعالى- أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يكتبه في موازين حسناتنا إنه جواد كريم، وأن يجزي شيخنا خير الجزاء على ما قدَّم ويقدم، وأن ينفع بعلمه إنه سميع مجيب، وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم.