اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
شرح أصول السنة لإمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى 164-241 هـ
64264 مشاهدة print word pdf
line-top
انتقاص الصحابة

46- ومن انتقص أحدًا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو أبغضه بحدث كان منه أو ذَكَر مساوِئَه كان مبتدعًا حتى يترحم عليهم جميعًا، ويكون قلبه لهم سليمًا .


يقول: من تنقَّص أحدًا من الصحابة يعني: عابه، أو ذكر مثالبهم أو مساوئهم، أو نحو ذلك؛ فإنه يعتبر بذلك قد ابتدع وتعدَّى على حرمة الصحابة -رضي الله عنهم-.
ولا شك أنه قد وقع من بعضهم أمور اجتهادية أنكرتها عليهم الرافضة، وعَدُّوها من المثالب، وقد يكون بعضها من المحاسن، وبعضها من محاسن الدين، ومن محاسن الشريعة، ولا شك أنها من فضائلهم، ولو عدوها من مثالبهم .
وقد بيَّن شيخ الإسلام -رحمه الله- في العقيدة الواسطية، أن ما يروى عن الصحابة: إما أن يكون كذبًا لا أصل له مما افتراه عليهم أعداؤهم، وإما أن يكون قد زِيدَ فيه أو حُرِّفَ أو غُيِّر عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون، إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن من اجتهد فأصاب فله أجران، ومن أخطأ فله أجر .

line-bottom