إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
شرح أصول السنة لإمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى 164-241 هـ
34952 مشاهدة
القرآن كلام الله وليس بمخلوق

15- والقرآن كلام الله وليس بمخلوق ولا يضعف أن يقول: ليس بمخلوق، قال: فإن كلام الله ليس ببائن منه، وليس منه شيء مخلوق، وإياك ومناظرة من أحدث فيه ومن قال باللفظ وغيره، ومن وقف فيه فقال: لا أدري، مخلوق أو ليس بمخلوق، وإنما هو كلام الله، فهذا صاحب بدعة مثل من قال: هو مخلوق. وإنما هو كلام الله ليس بمخلوق .


من المسائل التي تكلم فيها الأولون والآخرون أيضًا القرآن، فأهل السُّنّة على أنه كلام الله أنزله الله على قلب نبيه -صلى الله عليه وسلم- تكلم الله به حقيقة، وأمر بكتابته في اللوح المحفوظ، وكذلك أمر بكتابته في الصحف وفي المصاحف، فهو لا يخرج عن كونه كلام الله.

وأنكر ذلك المعتزلة والإباضية الذين في عُمان وغيرهم، وقالوا: إنه مخلوق، وجعلوه كسائر المخلوقات.
ورد عليهم أهل السُّنّة، وبَيَّنُوا أن الله -تعالى- متكلم ويتكلم إذا شاء، وأن كلامه قديم النوع متجدد الآحاد، وأن من جملة كلامه هذا القرآن، وردوا على مَن قال: إنه مخلوق، وكذلك على مَن توقفوا وقالوا: لا ندري أمخلوقٌ أو غير مخلوق، بل أمروا بالجزم أنه عين كلام الله، وقالوا: إنه منه بدأ وإليه يعود، فلا يجوز أن يجعل شيء منه مخلوقًا لا لفظه ولا معناه، بل كله كلام الله تكلم به حقيقة، ويثبتون صفة الكلام أن الله -تعالى- متكلم كما يشاء، ويتوقفون عن كيفية كلامه، أو التدخل في الأشياء الغيبية التي لا تبلغها الأفهام، ويقولون: نَكِلُ علم ذلك إلى الله -تعالى-.