إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
shape
شرح أصول السنة لإمام أهل السنة أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله تعالى 164-241 هـ
53542 مشاهدة print word pdf
line-top
الشهادة بالجنة أو النار لمعين

39- ولا نشهد على أحد من أهل القبلة بعمل يعمله بجنة ولا نار، نرجو للصالح، ونخاف عليه، ونخاف على المسيء المذنب، ونرجو له رحمةَ الله.


هذا من عقيدة أهل السُّنّة، أنهم لا يجزمون لأحدٍ بجنة ولا نار ولو انطبقت عليه بعض الأحاديث، فهناك أحاديث في الوعيد، وهناك أحاديث في الوعد، فيقولون: إن أمره إلى الله -تعالى-.
مثلا قوله -صلى الله عليه وسلم- إن الله حرَّم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله .
هذا من أحاديث الوعد فليس كل من رأيناه يقولها نقول: هذا من أهل الجنة، هذا محرم على النار؟ بل نقول: هذا أمره إلى الله؛ لأن الإخلاص غيبي؛ كذلك أيضًا قوله -صلى الله عليه وسلم- لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كِبر .
وقوله: لا يدخل الجنة قَتَّات أو نمّام .
هل نقول: إن هؤلاء من أهل النار؟ لا. فإن أمرهم إلى الله، وما في قلوبهم خَفِيٌّ، فلا نجزم لأحد بجنة ولا نار؛ بل نقول هؤلاء من العصاة الذين وردت فيهم هذه الأدلة، أمرهم إلى الله، إن شاء عذَّبهم، وإن شاء غفر لهم.
وهؤلاء وُعِدُوا بالثواب ووُعِدُوا بالمغفرة، وأمرهم إلى الله إن شاء كمل ذلك وأثابهم، بأن رحمهم وأدخلهم الجنة، وإن شاء عاقبهم على ما عملوه، والله أعلم بكيفية ذلك.
هذا معنى كون أهل السُّنّة لا يجزمون لمُعين بجنة ولا نار، إلا مَن جزم له النبي -صلى الله عليه وسلم- كالعشرة ونحوهم من الذين ورد تسميتهم أنهم من أهل الجنة وكالذين ورد عنهم أنهم من أهل النار كأبي لهب في قوله -عز وجل- سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ ونحوهم ممن وردت النصوص في أنهم من أهل العذاب .

line-bottom