اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. logo (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
شرح رسالة أبو زيد القيرواني
56848 مشاهدة print word pdf
line-top
دلالة الآيات القرآنية على أمور العقيدة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه، وهو أقرب إليه من حبل الوريد، وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى وعلى الملك احتوى، وله الأسماء الحسنى والصفات العلى، لم يزل بجميع صفاته وأسمائه تعالى أن تكون صفاته مخلوقة وأسماؤه محدثة، كلم موسى بكلامه الذي هو صفة ذاته، لا خلق من خلقه، وتجلى للجبل فصار دكًّا من جلاله، وأن القرآن كلام الله ليس بمخلوق فيبيد، ولا صفة لمخلوق فينفد، والإيمان بالقدر خيره وشره، حلوه ومره، فرض وركن في الدين، وكل ذلك قد قدره الله ربنا، ومقادير الأمور بيده، ومصدرها عن قضائه، علم كل شئ قبل كونه فجرى على قدره.
لا يكون من عباده قول ولا عمل إلا وقد قضاه، وسبق علمه به: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ يضل من يشاء فيخذله بعدله، ويهدي من يشاء فيوفقه بفضله، فكل ميسر بتيسيره إلى ما سبق من علمه وقدره، من شقي أو سعيد.
تعالى أن يكون في ملكه ما لا يريد، أو يكون لأحد عنه غنى، أو يكون خالق لشيء إلا هو، رب العباد ورب أعمالهم، والمقدر لحركاتهم وآجالهم، الباعث الرسل إليهم لإقامة الحجة عليهم.
ثم ختم الرسالة والنذارة والنبوة بمحمد نبيه -صلى الله عليه وسلم- فجعله آخر المرسلين، بشيرًا ونذيرا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا وأنزل عليه كتابه الحكيم، وشرح به دينه القويم، وهدى به الصراط المستقيم، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وأن الله يبعث من يموت؛ كما بدأهم يعودون.


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المؤلف -رحمه الله- يأخذ هذه العبارات من كثير من الآيات القرآنية؛ وذلك لأنها هي المرجع، وليس لأحد أن يخالف الآيات، وما تدل عليه من الدلالات، وكذلك الأحاديث الصحيحة، فمنها تؤخذ العقيدة، ومنها يستدل على أمور الغيب.
فمن ذلك: أن الله تعالى هو الذي خلق الإنسان، تفرد بخلقه قال تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ .
جنس الإنسان الله هو الذي خلقه، وقال تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ أي: ابتدأ خلق أبيكم من طين، وقال تعالى: الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى وقال: الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ .
والآيات واضحة في أن الله تعالى هو الذي ابتدأ خلق الإنسان بعد أن لم يكن شيئًا مذكورا، خلقه على أحسن خلقة في قوله تعالى: الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ؛ فهكذا أخبر بأنه الذي ابتدأ خلق الإنسان، ولا يليق أن الذي خلقه يتركه هملا؛ لا بد أنه يحاسبه، وأنه يعلم أحواله؛ ولهذا قال تعالى: أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى يعني: مهملا، لا يؤمر ولا ينهى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً .. ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً يعني في بطن أمه، فَخَلَقَ فَسَوَّى فالذي خلق الإنسان وصوره وسواه لا يليق أن يتركه هملا.
أخبر تعالى بأنه يعلم به يقول تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ يعلم ما يجول في قلب كل أحد، وما توسوس به نفسه، ولكنه سبحانه لا يعذبه ولا يحاسبه على ما في قلبه، ولا على ما تتحدث به نفسه؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - عفي لأمتي عن ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل .
جاء بعض الصحابة فقالوا: يا رسول الله، إنا لنجد في أنفسنا ما لأن نخر من السماء أحب من أن نتكلم به، فقال : الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة فما يوسوس به الإنسان لا يحاسبه الله عليه، ولكن هذا دليل على أنه عالم بما يجول في نفسه: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ أي: من العرق الذي في قاعة الرقبة، العروق في الرقبة تسمى الأوردة، العرق: يسمى حبلا، حبل الوريد، أقرب إليه من هذا الحبل الذي أو العرق الذي في أصل رقبته.
وذلك دليل على أنه عالم بأحواله وإذا كان كذلك فلا يحق له أن يستخفي عن ربه سبحانه وتعالى بشيء والله يطلع عليه؛ قد أنكر الله تعالى على الذين يستخفون قال تعالى: يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ أي هو مطلع عليهم ويعلم كل شيء، وقال تعالى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ مفاتح الغيب ورد أنها الخمسة التي ذكرت في آخر سورة لقمان في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ هذه الخمس لا يعلمها إلا الله، وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ أي: ما يكون في البر وما يكون في البحر وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا كل ورقة تسقط من شجرة يعلم متى تسقط، ويعلم متى نبتت وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ أي: أية حبة، حبة رمل أو حبة دقيق أو حبة بر أو نحو ذلك: فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ أي كل ما في الأرض من رطب ويابس؛ فهو في كتاب مبين، قد كتبه الله تعالى.

line-bottom