شرح رسالة أبو زيد القيرواني
فصل في الإيمان بالرسل
الباعث الرسل إليهم لإقامة الحجة عليهم، ها هنا ابتدأ في ذكر الرسل والكتب، وذلك أنه ابتدأ بما يتعلق بالإيمان بالله، بعد ذلك لا بد من الإيمان بالرسل؛ فنؤمن بأن الله تعالى أرسل الرسل مبشرين ومنذرين؛ قال تعالى: رسم> رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ قرآن> رسم> .
أي: لئلا يكون لهم عذر، فلا يحتجون ولا يقولون: رسم> مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ قرآن> رسم> فالله تعالى هو الذي امتن على عباده بذلك رسم> لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ قرآن> رسم> امتن الله عليهم فبعث إليهم رسلا.
ختم الرسالة والنذارة والنبوة بمحمد اسم> نبيه -صلى الله عليه وسلم- فجعله آخر المرسلين بشيرا ونذيرا، رسم> وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا قرآن> رسم> .
هكذا أخبر سبحانه أنه خاتم الرسل: رسم> مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ قرآن> رسم> أى: آخرهم ليس بعده نبي، وليس بعد شريعته شريعة، وليس بعد كتابه كتاب، هو أرسله الله تعالى إلى الناس كافة، لم يكن هناك أو لا يكون نبي بعده.
هو خاتم الرسالة والنذارة والنبوة، جعله آخر المرسلين وذلك لفضله؛ لفضيلته - عليه الصلاة والسلام - أرسله الله بشيرا للمؤمنين: يبشرهم برضا الله تعالى، ونذيرا للكافرين: ينذرهم ويخوفهم ويحذرهم، رسم> وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ قرآن> رسم> داعيا إلى دينه، وداعيا إلى عبادته، وداعيا إلى رضاه، وداعيا إلى جنته، رسم> وَسِرَاجًا مُنِيرًا قرآن> رسم> أي نورا يستضاء به؛ بسيرته وبشريعته فمن سار على نهجه فإنه من أمته يعني أمة الإجابة، أمر الله تعالى أن نؤمن به: رسم> فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ قرآن> رسم> رسم> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ قرآن> رسم> .
الإيمان به اعتقاد صحة ما جاء به وأنه صادق وأنه مرسل من ربه، أمرنا أيضا أن نتبعه، هناك آيه تسمى آية المحنة، وهي قول الله تعالى: رسم> قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ قرآن> رسم> يعني: امتحان لمن يدعي محبة الله، من أراد أن يكون ممن يحب الله ويحبه الله، فعليه باتباع هذا النبي الكريم: رسم> فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ قرآن> رسم> .
وكذلك أمرنا بأن نصدقه وأن نتأسى به: رسم> لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قرآن> رسم> يعني: قدوة حسنة، وله على أمته حقوق كما أن للرب تعالى حقوقا يقول ابن القيم اسم>
للرب حـق ليس يشبـه غـيره | ولعبــده حـق همـا حقــان |
بعد ذلك ذكر الإيمان بالكتب، قال: وأنزل عليه كتابه الحكيم وشرح به دينه القويم وهدى به الصراط المستقيم: أنزل الله تعالى عليه كتابه الذي هو هذا القرآن كما أنه آتى كثيرا من الأنبياء كتبا؛ فكذلك نبينا آتاه هذا القرآن قال تعالى: رسم> وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ قرآن> رسم> وجعله مهيمنا على ما قبله؛ قال تعالى: رسم> وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ قرآن> رسم> أي محتويا على ما قبله من الكتب؛ فهذا دليل على أنه كتاب حكيم قال تعالى: رسم> تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ قرآن> رسم> .
يعني: هذا القرآن حكيم يعني محكم، شرح به دينه، شرح الله تعالى في هذا الكتاب دينه القويم الذي هو الإسلام، وفصل فيه تعاليمه.
وهدى به الصراط المستقيم، قد فسر الصراط المستقيم بأنه القرآن؛ فنؤمن بهذا القرآن، ونعمل به، ونؤمن بالكتب التي قبله، ولكن نعرف أنها كتب أنزلت في حينها، وأن الذين اتبعوها وآمنوا بها على هدى قبل أن تحرف وقبل أن تُنسخ، وما جاء وما بقي منها فإنه منسوخ بهذا القرآن.
ذكر بعد ذلك الإيمان باليوم الآخر قال: رسم> وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا قرآن> رسم> وأن الله يبعث من يموت؛ كما بدأهم يعودون، الإيمان باليوم الآخر، الإيمان بالموت وما بعده، الموت مشاهد ولكن بعد الموت بعث، وبعد البعث حساب، وبعد الحساب جزاء على الأعمال دقيقها وجليلها؛ فلذلك نؤمن بالبعث بعد الموت، ونؤمن أن الساعة آتية يعني يوم القيامه؛ قال تعالى: رسم> وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا قرآن> رسم> أي: لا شك ولا توقف، رسم> وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ قرآن> رسم> أي كل من مات فإنه يبعث سواء قبر أو لم يقبر؛ فيقول الله تعالى: رسم> كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ قرآن> رسم> أي: كما أنه بدأكم؛ فلا يشق عليه أن يعيدكم.
أسئـلة
س: يقول السائل: هل من صفات الله -سبحانه وتعالى- الضار النافع رأس> وإذا كان نعم، هل يصح أن نسمي بعبد الضار أو بعبد النافع؟
سؤال> هذا من الأسماء المزدوجة التي لا يذكر واحد منها إلا مع الآخر؛ النافع الضار يعني: لا يقال عبد الضار، يمكن أن يقال: عبد النافع، وعبد المانع، وعبد الضار؛ لكن بعد أن يضاف إلى الله عبد النافع، وأما عبد الضار فلا يجوز، ولم أسمع عن أحد أجاز التعبير عن الغير ببعض الأسماء المزدوجة.
س: يقول السائل: هل صحيح ما نقل عن الإمام البخاري اسم> بقوله: لفظي بالقرآن مخلوق، وما معنى ذلك؟
سؤال> نعم ثبت عن مالك اسم> ؛ ولكن اشتهر عن البخاري اسم> جادله في ذلك بعض أهل... في زمانه، وهو يريد بلفظي: حركات لساني، حركات لساني وحركات فمي هذه مخلوقه؛ لأن حركات اللسان مخلوقة؛ ولكن منع الإمام أحمد اسم> من ذلك؛ لأنه قد يتوصل به إلى المذكور؛ فلا يجوز هذا.
س: يقول السائل: هل صفة الحي القيوم رأس> ذاتية وفعلية وهل ثبت أن هذا هو اسم الله الأعظم؟
سؤال> لا شك أن الحي يستلزم الحياة، وهي صفة ذاتية، وكذلك القيوم قائم على عباده يعني: القائم دائما، والمراقب لهم؛ ولذلك لا تأخذه سنة ولا نوم، اشتهر عن بعض العلماء أن اسم الله الأعظم في غالب الآيات في آية الكرسي، وفي أول سورة آل عمران، وهو قول –يعني- من جملة الأقوال.
س: يقول السائل: أليس الأولى أن يعبر عن أسماء الله وصفاته الأزلية رأس> بدل القِدَم؛ لأن القدم قد يهمل بالبداية؟
سؤال> وهكذا يريدون بالقدم: الذي ليس له أولية، بعض العلماء يذكر ذلك ،كذلك أيضا يعبر بعضهم بالأزلية.
والأزلي: هو الذي ليس له أول، فمنهم من يقول: أزلية، ومنهم من يقول: قديمة، وكلهم قصدهم أنه ليس لها بداية.
س: يقول السائل: ما الفرق بين الاسم والصفة لله -سبحانه- رأس> نرجو تبيين ذلك بمثال؟
سؤال> مثلنا هنا: الرحمن اسم، والرحمة صفة، والرحمن مشتمل على الصفة - على صفة الرحمة- ودلالته على الذات أنه اسم لا يسمى به إلا الله، ودلالته على الرحمة أن مشتق من الرحمة ويقال مثلا: السميع اسم، والسمع صفة، والقدير اسم، والقدرة صفة، فكل اسم من أسمائه مشتق منه صفة، العزيز اسم والعزة صفة وهكذا.
س: يقول السائل: عرف بعض العلماء القرآن بأنه: كلام الله المنزل على رسوله -صلى الله عليه وسلم- منه بدأ وإليه يعود رأس> ما مقصودهم بقوله: ( إليه يعود )؟
سؤال> يعني: في آخر الدنيا عندما لا يعمل به يرفع من المصاحف ويرفع من الصدور، هكذا ورد.
س: هل يعذر من يمشي في طريق البدع والفرق الضالة من صوفية وإباضية وغيرهم رأس> ؛ لأنه تعلم من صغره في بلادهم ومدارسهم، ولم يأت أحد يوضح له الحق بطريقة سليمة؟
سؤال> لا يعذورن في هذه الأزمنة؛ ذلك لأن عليهم أن يبحثوا عن الحق، وأن ينظروا في الأدلة، فالأدلة واضحة والحمد لله سيما في هذه الأزمنة، يمكنهم سماع الإذاعات أو سماع ما يبث عبر الإنترنت، أو كذلك قراءة الصحف التي تنتشر، أو قراءة القرآن وتدبره أو ما أشبه.
س: يقول السائل: هل صفة الكلام رأس> ذاتية فقط أو ذاتية وفعلية معا؟
سؤال> لا شك أن الله -تعالى- متكلم بالذات؛ فهي صفة ذات وأن الكلام أيضا فعل، يعني: أنه فعل بالنسبة إلى ما نعرفه، أما بالنسبة إلى الله -تعالى- فالله أعلم بكيفيتها.
س: يقول السائل: لي قريب كنت أعطيه من الزكاة، واحتاج واستقرض مني بعض المال، هل أحتسب القرض من الزكاة رأس> وأشهره بذلك كلما استحق شيئا من الزكاة؟
سؤال> لا تحسبها من زكاة مالك؛ لكن لو أعطاك غيرك من الزكوات أرسلها، فأما زكاة مالك فإذا أردت أن تعطيه فإنك تعطيه؛ فإن وفاك مما تعطيه فلك أن تأخذه.
س: تقول امرأة: أخذت عمرة، ولبست النقاب، ولبست فوق النقاب غترة فهل في ذلك حرج؟
سؤال> نرى عليها فدية عن لبس النقاب؛ صيام ثلاثة أيام في أية مكان، فهذا أسهل أو إطعام ستة مساكين من مساكين الحرم اسم> .
س: يقول السائل: ما حكم الشروط الجزائية التي تكون في العقود رأس> ؟
سؤال> المسلمون على شروطهم، يلتزم بذلك الطرفان، ولم تكن منافية للشرع، لا تحل حراما، ولا تحرم حلالا.
س: يقول: هل يقال دعاء الركوب في السفر والحضر رأس> ؟
سؤال> الآية عامة سواء على .. يعني سواء كنتم في البلاد أو في السفر.
س: يقول: ما رأي فضيلتكم في تفسير ابن كثير اسم> باختصار الصابوني اسم> رأس> ؟
سؤال> الصابوني اسم> نوع عقيدته أشعري، متمسك بها؛ فيخاف عليه أنه أدخل فيه شيئا من التعديلات، في نظره أنها تعديل، وهي -مع ذلك- تحريف، ونشير بعدم قراءته وهناك اختصار الرفاعي اسم> وهو أحسن.
س: تقول السائلة: أنا يأتيني تمر من أقاربي -كإخوتي مثلا- فهل يجوز لي أن أتصدق به لي ولوالديّ؛ قاصدة الأجر لي ولوالديّ؟
سؤال> يجوز وذلك لأنها ملكته، فكل من ملك شيئا سواء جاء عن طريق الهبة، أو الصدقة أو التبرع جاز أن يتصدق به.
س: تقول السائلة: عندي والدة كبيرة في السن، عمرها تقريبا تسعون عاما، وهي تريد صيام التطوع كالخميس والاثنين، وإذا صامت؛ تعبت فهل لنا ألا نخبرها عن الصيام؛ وأنها تسأل عن أيام الاثنين والخميس لكي تصوم؟
سؤال> أخبروها عما تسأل عنه ولا تكتموه، وإذا صامت أخبروها بأن لها أن تفطر للمشقة.
س: يقول السائل: هل صحيح أن ابن عباس اسم> -رضي الله عنه- أول قوله تعالى: رسم> يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ قرآن> رسم> رأس> أي: عن الشدة؟
سؤال> هناك من ادعى ..أنه أول تفسيرات، ويمكن أنه أخذ ذلك من بعض الأدلة، وقد وردت الأدلة في إثبات الساق صفة لله كما يشاء.
س: يقول السائل: أنا مدرس، فهل يجب أن أجبر طلاب المرحلة الابتدائية على الوضوء في حصة القرآن رأس> ؟
سؤال> يجب ذلك ولو كان في المرحلة الابتدائية؛ يدربهم ويعلمهم والله أعلم، وصلى الله على محمد اسم> .
مسألة>