التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الثاني
التفضيل بين الصحابة
[ ويفضلون من أنفق من قبل الفتح - وهو صلح الحديبية- وقاتل على من أنفق من بعد وقاتل.
ويقدمون المهاجرين على الأنصار. ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر- وكانوا ثلثمائة وبضعة عشر- رسم> اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم متن_ح> رسم> .
وبأنه رسم> لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة متن_ح> رسم> ؛ كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بل لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه، وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة ] .
ذكر المؤلف في هذا الفصل مسألة التفضيل بين الصحابة رضي الله عنهم رأس> وأن بعضهم أفضل من بعض؟ فالمهاجرون الأولون الذين أسلموا قبل صلح الحديبية لا شك أنهم أعظم مرتبة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا، وكلا وعد الله الحسنى، فالذين أسلموا قبل صلح الحديبية- وكان سنة ست- أفضل بكثير من الذين أسلموا بعده؛ لأنهم أسلموا في وقت الشدة، وتبعوا الرسول عليه الصلاة والسلام في وقت الضعف، وهاجروا وجاهدوا وأنفقوا جميع ما يملكون، وصبروا على الأذى في ذات الله تعالى، فلا يلحق بهم غيرهم، وكلا وعد الله الحسنى.
كذلك أيضا من المعلوم أن الصحابة يتفاوتون، فالمهاجرون أفضل من الأنصار؛ وذلك لأن المهاجرين أسلموا قديمًا قبل الأنصار في مكة اسم> وكثير منهم أوذي؛ كبلال اسم> وصهيب اسم> وعمار اسم> ونحوهم، اضطهدوا وضُربوا وألقي بهم في الرمضاء، وعُذبوا، وكانت نهايتهم أن هاجروا، تركوا بلادهم ووطنهم، وتركوا أموالهم وديارهم وما يملكون، وهاجروا لينجوا بأديانهم، كل منهم يفر بدينه من الفتن.
والأنصار- رضي الله عنهم- لهم فضل فهم الذين آووا ونصروا، ذكرهم الله تعالى بهذا، فبدأ بالمهاجرين ثم ثنى بالأنصار فقال: رسم> وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا قرآن> رسم> [الأنفال:74] آية> ؛ الذين آمنوا وهاجروا هم المهاجرون والذين آووا ونصروا هم الأنصار.
وذكر المهاجرين أيضا في قوله: رسم> لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا قرآن> رسم> [ الحشر: 8 ]. آية>
ثم ذكر الأنصار بقوله : رسم> وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ قرآن> رسم> [الحشر : 9]. آية>
فالأنصار لهم مزية ولكن المهاجرين أفضل منهم، ولهذا يقدمهم الله كما في قوله تعالى: رسم> وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ قرآن> رسم> [ التوبة: 100 ] آية> هذه أيضا من فضائلهم، ولا شك أيضا أن لهم فضائل ومزايا أخرى.
وهناك أيضا من اختصوا بفضائل ومزايا وردت بها الآيات والأحاديث كأهل بدر، فإن من فضيلتهم أن الله اطلع على أهل بدر اسم> فقال: رسم> اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم متن_ح> رسم> علم الله في سابق الأزل أنهم يموتون متمسكين فغفر لهم ما وقعوا فيه من أخطاء، وكان عددهم ثلاثمائة وثلاثة عشر أو نحو ذلك.
فهؤلاء أغلبهم من الأنصار، وفيهم من المهاجرين، وقتل منهم نحو أربعة عشر ونصرهم الله وأمدهم بملائكته الذين قاتلوا معهم حتى هزموا عدوهم، هذه فضيلة لهم.
كذلك أهل بيعة الرضوان الذين شهدوا صلح الحديبية؟ وذلك أنهم لما كانوا تحت الشجرة، طلب منهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يبايعوه على القتال، وعلى ألا يفروا فبايعوه، وكانوا نحوا من ألف وأربعمائة أو أكثر، فهؤلاء قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم يدخلون الجنة وقال: رسم> لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة متن_ح> رسم> بل لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه، وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة وأخبر الله تعالى بأنه قد رضي الله عنهم في قوله: رسم> لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ قرآن> رسم> [الفتح: 18]. آية>
سادة الصحابة رضي الله عنهم ورضوا عنه- الذين سماهم الله تعالى السابقين وسماهم المهاجرين والأنصار- كيف تتسلطون عليهم يا معشر الرافضة وتسبونهم، وتزعمون أنهم مرتدون، وأنهم أردأ خلق الله، وأنهم خانوا الأمانة وتفضلون أنفسكم عليهم؟!، لا شك أن هذا عناد ومخالفة للأدلة الصحيحة التي أشير إليها، ومخالفة أيضا للواقع والمحسوس.
مسألة>