التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الثاني
أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم
[ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حيث قال يوم غدير خم اسم> رسم> أذكركم الله في أهل بيتي متن_ح>
رسم>
.
وقال أيضا للعباس اسم> عمه- وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم- فقال: رسم> والذي نفسي بيده؛ لا يؤمنون حتى يحبوكم؛ لله ولقرابتي رسم> .
وقال: إن الله اصطفى بني إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم ] .
في هذا الفصل بيان لحق أهل البيت وفضائلهم رأس> وقد اختلف في آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم الذين يصلى عليهم معه اللهم صل على محمد اسم> وعلى آل محمد ؛ قال بعض العلماء: آله: أتباعه على دينه، كآل فرعون اسم> يعني أتباعه، رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
آل النبـي هـم أتبـاع ملتـه | من كان من عجم منهم ومن عرب |
وذهب آخرون إلى أن آله هم أهل بيته، واختار هذا شيخ الإسلام ابن تيمية اسم> رحمه الله تعالى وغيره .
إذن فآله الذين هم أهل بيته لهم مزية فضيلة، كما تدل عليه هذه الأحاديث، فمن مزيتهم: قربهم من النبي صلى الله عليه وسلم. ومن مزيتهم: فضلهم وشرفهم، ومن مزيتهم: سبقهم إلى الإسلام وتحريم الصدقة عليهم؛ لأنها أوساخ الناس، كما علل بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
فآله قيل: إنهم أهل بيته، وهم أزواجه وذريته وقرابته الذين حرمت عليهم الصدقة كبني هاشم. وقيل بعدم دخول زوجاته.
ففي هذا الحديث الذي ذكره المؤلف وهو حديث غدير خم اسم> لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من مكة اسم> إلى المدينة اسم> بعد حجة الوداع، ونزل في هذا الغدير خطبهم مرة وقال: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![أخرجه مسلم برقم (2408) في فضائل الصحابة، باب: من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن زيد بن أرقم رضي الله عنه.](/site/books.png)
يقول زيد بن أرقم اسم> راوي الحديث: لما قيل: أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته هم الذين حرمت عليهم الصدقة بعده، ثم عد منهم: آل جعفر وآل العباس وآل علي وآل عقيل بن أبي طالب أي كل من كان من بني عبد المطلب ومن بني هاشم هؤلاء لهم مزية وقرابة.
والصحيح أن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بيته رأس> ؛ وذلك لأن الله ذكر فضلهن ومدحهن في القرآن كقوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وردت هذه الآية بعد خطاب أمهات المؤمنين : رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
أما ما ذكره الرافضة ونحوهم من أنها خاصة بعلي اسم> وذريته وزوجته فليس على ذلك دليل، ورووا أنه عليه السلام لما نزلت هذه الآية دعا فاطمة اسم> وابنيها وعليا اسم> وألقى عليهم كساء وقال: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![أخرجه الترمذي برقم (3871) في المناقب، وقالت الترمذي: هذا حديث حسن. قلت: فيه شهر بن حوشب سيئ الحفظ.](/site/books.png)
وعلى كل حال فأهل بيته- زوجاته وقراباته- لهم هذا الفضل وغيره، ومن فضلهم أنهم يدخلون في الصلاة عليه؛ فيقول المصلي: اللهم صل على محمد اسم> وعلى آل محمد . وفي بعض الروايات وعلى أزواجه وذريته
![وهذه إحدى صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أخرجها البخاري برقم (3369) في الأنبياء، باب: 10 ومسلم برقم (407) في االصلاة ، باب: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد. عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه.](/site/books.png)
![أخرجه الإمام أحمد في المسند (5 / 374)- عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وصححه الألباني في صفة الصلاة ص (130).](/site/books.png)
وأهل السنة يتولونهم، ولا يقاطعون غيرهم من الصحابة، أما الرافضة فإنهم يغلون في أهل البيت، ويقاطعون غيرهم. ويزعمون أن أهل السنة يبغضون أهل البيت، ويقولون : إنكم ما أحببتم أعداءهم إلا وقد أبغضتوهم، يقولون: لا يمكن أن يجتمع ولاء إلا ببراء، لا توالوا أهل البيت حتى تتبرءوا من غيرهم، وهذا خطأ؛ لأن الصحابة كلهم أولياء، وكلهم صحابة، وكلهـم أفاضل، وكلهم لهم سبقهم ولهم فضلهم.
فعلي اسم> رضي الله عنه- كما تقدم- قد أخبر على رءوس الأشهاد بأن أفضل الأمة أبو بكر اسم> ثم عمر اسم> فكيف يكون أبو بكر اسم> وعمر اسم> عدوين لعلي اسم> وهما أفضل الأمة بشهادة عليٍّ اسم> نفسه؟
وكيف نُجَوِّز البراءة من هذين الرجلين اللذين هما أفضل الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم كما تدعيه الرافضة؟! فيقولون: لا ولاء إلا ببراء؛ يعني لا تكون مواليا أهل البيت حقا إلا إذا تبرأت من أعدائهم وأولهم أبو بكر اسم> وعمر اسم> فهذا كله كذب وبهتان، فأهل السنة يتولونهم، ويحبونهم، ويدعون لهم، ويصلون عليهم مع النبي صلى الله عليه وسلم ويترضون عنهم.
وهذا دليل على كذب الرافضة في دَعْوَاهم أن أهل السنة يبغضون عليا اسم> وآله، فنحن نحبهم ونقربهم ونقبل منهم، ولكن لا نصل إلى ما وصلت إليه الرافضة من بغض بقية الصحابة، ولا من الغلو الذي وقعوا فيه تجاه آل البيت، حيث إنهم جعلوهم أندادا يعبدونهم من دون الله، ويجعلون لهم شيئا من حق الله تعالى، فإن هذا لا يجوز بل هو كذب وكفر وشرك.
وأهل البيت رضي الله عنهم لا يرضون أن يُشْركوا مع الله، ولا أن يدعوا مع الله، ولا أن يُجعل لهم شيء من ملك الله وخالص حقه، كذلك أيضا لا يرضون أن يفضلوا على غيرهم.
والحاصل أن أهل السنة يترضون عن أهل البيت ويحفظون فيهم وصية الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![أخرجه مسلم برقم (2408) في فضائل الصحابة، باب: من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه . عن زيد بن أرقم رضي الله عنه.](/site/books.png)
![أخرجه أحمد في المسند (1 / 207، 208). والحاكم في المستدرك (3 / 333). قال أحمد شاكر: (إسناده صحيح).](/site/books.png)
وقد تبين من قوله: لله أن هذا خاص بمن آمن منهم، أما من لم يؤمن فإنه لا يدخل في الولاية مثل أبي لهب اسم> ؛ لأن الله تعالى قد أخبر أنه من أهل النار رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![أخرجه البخاري برقم (6564) في الرقاق ، باب : صفة الجنة والنار . ومسلم برقم (210) في الإيمان ، باب : شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.](/site/books.png)
و رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![البخاري برقم (6561، 6562) في الرقاق، باب: صفة الجنة والنار. ومسلم برقم (213) في الإيمان، باب: أهون أهل النار عذابا. عن النعمان بن بشير رضي الله عنه.](/site/books.png)
إذاً فالتَّرَضِّي والثناء والذكر الحسن خاص بمن آمن منهم، ولا شك أن الله تعالى قد ميَّزهم وفضَّلهم بقرابتهم للنبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن القرابة لا تنفع إلا مع حقيقة الإيمان والمتابعة، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![أخرجه مسلم برقم (2699) في الذكر والدعاء، باب. فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر. عن أبي هريرة رضي الله عنه.](/site/books.png)
إذا كان نسبه شريفا، ولكنه ليس متبعا للنبي صلى الله عليه وسلم وليس مطبقا لشريعته، فلا ينفعه كونه قريبا للرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا كونه من قريش ولا بني هاشم، أو غيرهم، بل تكون الحجة عليه أكبر، والعقوبة عليه أعظم، حيث إنه أولى الناس باتباع النبي صلى الله عليه وسلم لقرابته وأهليته.
فلا شك أن الله تعالى قد فضَّل بني هاشم بهذه الفضيلة، وكما جاء في الحديث الذي في صحيح مسلم قول النبي صلى الله عليه وسلم: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![أخرجه مسلم برقم (2276) في الفضائل، باب: فضل نسب النبي ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم. عن واثلة بنت الأسقع رضي الله عنه.](/site/books.png)
فأخبر بأنه سلالة من سلالة، وصفوة من صفوة، فهو صفوة بني هاشم وخيرتهم، وبنو هاشم صفوة وخيرة قريش، وقريش صفوة كنانة الذين هم قبيلة من مضر، وكنانة صفوة من بني إسماعيل، الذين هم من ذرية إسماعيل بن إبراهيم اسم> عليهما السلام، والاصطفاء: الاختيار، اصطفاني أي اختارني، وأصله من التصفية، كأنه صُفي حتى كان صافيا.
وقد ذكر الله الاصطفاء لعباده الأنبياء ونحوهم في قوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فلما أخبر أن بني هاشم صفوة قريش، كان ذلك دليلاً على ميزة لهم وفضيلة، فيدل على أن لهم حق التكريم والاحترام، وأن لهم حق الشرف والفضل، وأن لهم حق الولاية والمحبة، ولكن ذلك كما عرفت خاص بمن آمن بالله واتبع رسوله صلى الله عليه وسلم، وإلا فالتقي لله تعالى والمطبق لشرعه هو أشرف الناس وأولاهم برسوله صلى الله عليه وسلم ولو كان أبعد الناس وأضعفهم نسبًا، والعاصي أو الفاسق أو الكافر هو أبعد الناس من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كان من أشرف الناس نسبًا، كما قال بعضهم:
لعمــرك مــا الإنسـان إلا بدينـه | فلا تترك التقـوى اتكالا على النسـب |
لقــد رفـع الإسلام سـلمان فـارس | كمـا وضـع الشـرك النسيب أبا لهب |
فسلمان اسم> مع كونه فارسيا، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رسم> سلمان اسم> منا أهل البيت رسم>
![أخرجه الحاكم والطبراني وهو في ضعيف الجامع الصغير رقم (3272).](/site/books.png)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وروي عن جعفر الصادق اسم> أنه لما رآه إنسان يبكي ويكثر من الخوف والوجل، ذكره بأن له حق القرابة وفضل النسب، فقال: إن الله تعالى يقول: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
مسألة>