الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
شرح رسالة أبو زيد القيرواني
47805 مشاهدة
الحوض


بعد ذلك في عَرَصات القيامة الحوضُ المورود؛ حَوْضُ النبي -صلى الله عليه وسلم- تَرِدُه أمته، لا يظمأ من شرب منه، ويُذَاد عنه مَنْ بدل وغَيَّرَ. قيل: إنه الكوثر إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ وقيل: إنه حوض في عرصات القيامة يصب فيه ميزابان من الكوثر الذي في الجنة، وأن ماءه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وأن كيزانه - يعني الأواني التي يُشْرَبُ بها - عدد نجوم السماء.
وأن الناس يردونه؛ يعني من أُمَّتِهِ، فَيَرِدُهُ المؤمنون يعرفهم بالْغُرَّةِ والتحجيل من آثار الوضوء، الذين يحافظون على الوضوء، يحافظون على الطهارة، يحشرون يوم القيامة غُرًّا محجلين، بيض الوجوه، وبيض الأيدي والأرجل من آثار الوضوء.
وأما غيرهم فإنهم يُذَادون عنه فيعرفهم بهذه العلامة التي يعرفون بها، ويذاد عنه أهل الكفر وكذلك المرتدون. ورد أن طوله مسيرة شهر، وعرضه مسيرة شهر؛ يعني مسيرة شهر على سير الإبل المعروف قديما، قُدِّرَ في بعض الروايات أنه ما بين عدن إلى بصرى -قرية في الشام - يعني: هذا طوله وكذلك عرضه.
لا شك أن هذا من خصائصه، قال بعض العلماء: إن لكل نبي حوضا، ولكن نبينا-صلى الله عليه وسلم- أكثرهم حظًّا، أكثرهم وارِدًا يَرِدُ عليه، ترد عليه أمته. مَنْ شرب من هذا الحوض لم يظمأ بعدها أبدًا حتى يدخل الجنة، ولو طالتْ المدة، كذلك الذين يُذَادون عنه تذودهم الملائكة مِمَّنْ كفر، أو ارتد، أو بَدَّلَ أو غَيَّرَ.
هذا كله يتعلق بيوم القيامة وما فيه، ونُكَمِّلُ الباقي إن شاء الله بعد الصلاة، والله أعلم، وصلى الله على محمد .