شرح سنن الترمذي
شرح سنن الترمذي
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد اسم> وعلى آله وأصحابه أجمعين.
قال الإمام الترمذي اسم> .
رحمه الله تعالى: كتاب النكاح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. باب ما جاء في فضل التزويج والحث عليه.
حدثنا سفيان بن وكيع اسم> حدثنا حفص بن غياث اسم> عن الحجاج اسم> عن مكحول اسم> عن أبي الشمال اسم> عن أبي أيوب اسم> قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسم> أربع من سنن المرسلين: الحياء والتعطر والسواك والنكاح متن_ح>
رسم> .
قال: وفي الباب عن عثمان اسم> وثوبان اسم> وابن مسعود اسم> وعائشة اسم> وعبد الله بن عمرو اسم> وأبي نجيح اسم> وجابر اسم> وعكاف اسم> قال أبو عيسى اسم> حديث أبي أيوب اسم> حديث حسن غريب.
حدثنا محمود بن خداش البغدادي اسم> حدثنا عباد بن العوام اسم> عن الحجاج اسم> عن مكحول اسم> عن أبي الشمال اسم> عن أبي أيوب اسم> عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث حفص اسم> قال أبو عيسى اسم> وروى هذا الحديث هشيم اسم> ومحمد بن يزيد الواسطي اسم> وأبو معاوية اسم> وغير واحد عن الحجاج اسم> عن مكحول اسم> عن أبي أيوب اسم> ولم يذكروا فيه عن أبي الشمال اسم> وحديث حفص بن غياث اسم> وعباد بن العوام اسم> أصح.
حدثنا محمود بن غيلان اسم> حدثنا أبو أحمد الزبيري اسم> حدثنا سفيان اسم> عن الأعمش اسم> عن عمارة بن عمير اسم> عن عبد الرحمن بن يزيد اسم> عن عبد الله بن مسعود اسم> قال: رسم> خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن شباب لا نقدر على شيء، فقال: يا معشر الشباب عليكم بالباءة؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، فمن لم يستطع منكم الباءة فعليه بالصوم؛ فإن الصوم له وجاء متن_ح>
رسم> قال أبو عيسى اسم> هذا حديث حسن صحيح.
حدثنا الحسن بن علي الخلال اسم> حدثنا عبد الله بن نمير اسم> حدثنا الأعمش اسم> عن عمارة اسم> نحوه، وقال أبو عيسى اسم> وقد روى غير واحد عن الأعمش اسم> بهذا الإسناد مثل هذا.
وروى أبو معاوية اسم> والمحاربي اسم> عن الأعمش اسم> عن إبراهيم اسم> عن علقمة اسم> عن عبد الله اسم> عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. قال أبو عيسى اسم> كلاهما صحيح.
هذا الباب في فضل النكاح، وفي أنه من سنن المرسلين وفي فوائده، أخبر بأن من فوائده: رسم>


وثانيا: أنهم غالبا ليس معهم ما يردعهم عن الآثام من قوة الإيمان وقوة الخوف؛ فلذلك رغبهم في النكاح.
معلوم أن النكاح هو الزواج: الذي هو أن يختار الرجل له زوجة، يحصل من اختياره لها أنها تعفه، وأنها تقصر نظره على الحلال ويغض بصره عن الحرام.
الله تعالى من حكمته أن جعل في كل من الرجل والمرأة شهوة تدفع أحدهما إلى الآخر حتى يحصل هذا الاتصال الذي هو الجماع، والذي ينتج منه التوالد ووجود هذا النوع من الإنسان، وتوالده الذي يكون سببا في بقاء هذا البشر.
فهذه الشهوة لا شك أنها جبلة وخلقة في الإنسان؛ فلا بد أن يكسر حدة هذه الشهوة.
فكسرها في الأصل وتخفيفها هو بهذا النكاح الحلال، ولا شك أن هذا الوطء والجماع الأصل فيه أنه حرام إلا ما أحل الله قال الله تعالى: رسم>


فدل على أن الأصل أن الوطء جنسه حرام إلا ما استثني؛ ولأجل ذلك حرم الله نكاح المحارم، وحرم الله الزنا؛ فحرم نكاح المحارم في قوله: رسم>




ولما حرم الزنا أباح الحلال الذي هو النكاح الذي له أركانه وله شروطه، وجعله من سنن المرسلين؛ حيث إن المرسلين جاءوا بسنن ولا شك أن من هذه السنن ما هو واجب وما هو مستحب ومندوب.
فهذه الأربع التي ذكرت في هذا الحديث منها ما هو سنة كالسواك وكذلك التعطر، ومنها ما قد يجب؛ يعني أحيانا النكاح قالوا: إنه تتعلق به الأحكام الخمسة؛ فيحرم نكاح المحارم ونحوها، وكذلك يحرم نكاح المعتدة، ونكاح ما فوق الأربع، ونكاح المُحْرِم، ويجب النكاح على من خاف على نفسه الزنا وقدر على مئونة النكاح؛ فإنه يجب عليه أن يعف نفسه وأن يمنع نفسه من الفاحشة -من فاحشة الزنا- أو مقدماته، أو فعل قوم لوط أو ما أشبهها من المحرمات، فإذا كان واجبا عليه أن يعف نفسه فإن الإعفاف يكون بالنكاح الحلال.
وقد يكون النكاح مكروها وهو ما إذا علم أنه لا يقوم بالواجب، أو خاف أنه لا يؤدي حقوق الزوجات التي أوجبها الله عليه من العشرة الطيبة، ومن الإعفاف الواجب، ومن النفقة والكسوة وما أشبه ذلك ومن المؤانسة ونحوها؛ فيكره في حقه لأنه يهين المرأة، ويذلها ويحبسها ويضرها؛ فلأجل ذلك نُهي عنه وكره وإن لم يكن محرما.
ويستحب إذا كان له شهوة ولكنه يأمن على نفسه والوقوع في الفاحشة؛ يقدر أن يملك نفسه. ولكن معه شهوة يقدر أن يعف المرأة التي يتزوجها ويقوم بحقوقها.
فعرفنا أنه يحرم كنكاح المحرِم والمحارم، ويجب كوجوبه على من خاف على نفسه الزنا، ويستحب كاستحبابه في حق من له شهوة وهو يقدر على أن يملك نفسه، ويكره في حق من يعرف أنه لا يؤدي الحقوق الواجبة للزوجة، ويباح في حق من لا شهوة له ولكنه يعرف أنه سيقوم بالحقوق الزوجية.
ومع ذلك فإن الأصل فيه الاستحباب؛ لما فيه من المصالح، ففيه مصلحة إعفاف نفسه، وفيه مصلحة إعفاف المراة، ومصلحة تحصيل الذرية الصالحة وتكثير الأمة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم- رسم>


ونهى عن التبتل. ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- رد على بعض أصحابه التبتل. يقول ابن مسعود: اسم> رد النبي -صلى الله عليه وسلم- على عثمان بن مظعون اسم> ولو أذن له لاختصينا؛ يعني: لتبتلنا ولو ألا نجد إلا الاختصاء حتى تنقطع عنا هذه الشهوة.
وقد كان عثمان بن مظعون اسم> من المهاجرين، ولما تعبد هجر امرأته وبقيت مدة طويلة لا يلتفت إليها لانشغاله بالعبادة في الليل يقوم ويتهجد، وفي النهار يصوم، فلم يتفرغ لامرأته، وبقيت امرأته معتزَلَةً؛ فاشتكت إلى بعض نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رأينها وهي متبذلة، وأخبرت أنه لا حاجة له في النساء، فعند ذلك عاتبه النبي -صلى الله عليه وسلم- ورد عليه هذا التبتل، وأمره بأن يعطي حق امرأته -يعطيها حقها-.
فعاد إلى ذلك، وكذلك عاد الصحابة إلى التمتع بالمباحات، ونزل في ذلك قول الله تعالى: رسم>


وورد فيهم الحديث المشهور الذي فيه أنهم قالوا : رسم>


وقد أباح الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- ما لم يبح لغيره في النكاح؛ حيث خصه بأن أباح له أن يتزوج هذا العدد، وأنزل عليه قوله تعالى: رسم>


فالحاصل أن هذا من جمله ما أباحه الله تعالى وحث عليه ورغب فيه، ولا يترك المسلم الشيء الذي يحبه الله ويرغب فيه لأمر من الأمور مع القدرة عليه، وينبغي المبادرة إلى ذلك فإن قول النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم>






ثم يحذرهم من تركه إلا عند العجز الذي يعجز، وكونه يعجز بمعنى: أنه يعجز عن المهر أو يعجز عن النفقة؛ فإن عليه أن يخفف حدة الشهوة بالصيام؛ فإن الجوع والجهد يخفف حدة الشهوة؛ لذلك أرشدهم إلى الصيام والله تعالى قد أمرهم بالنكاح، ووعدهم بأن يسد حالتهم قال الله تعالى: رسم>




مسألة>