إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
شرح سنن الترمذي
34880 مشاهدة
باب ما جاء في التسوية بين الضرائر

باب ما جاء في التسوية بين الضرائر.
حدثنا ابن أبي عمر حدثنا بشر بن السري حدثنا حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه فيعدل، ويقول: اللهم هذه قسمتي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك .
قال أبو عيسى حديث عائشة هكذا رواه غير واحد عن حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم ورواه حماد بن زيد وغير واحد عن أيوب عن أبي قلابة مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم وهذا أصح من حديث حماد بن سلمة .
حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا همام عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط .
قال أبو عيسى وإنما أسند هذا الحديث همام بن يحيى عن قتادة ورواه هشام الدستوائي عن قتادة قال: كان يقال: ولا نعرف هذا الحديث مرفوعا إلا من حديث همام وهمام ثقة حافظ.


القسم هو التسوية بين النساء بأن يسوي بينهن لكل واحدة ليلة، وأكثر ما يملك الرجل أربع ليال، فإذا كان كذلك فإن لكل واحدة ليلة إذا كان عنده أربع زوجات، يدور عليهن في أربع ليال؛ فيكون نصيب كل واحدة ربع الدهر، وإذا كان عنده زوجتان وأحب أن يتفرغ ليلتين فله ذلك، يكون لكل واحدة ليلة من أربع.
في قصة كعب بن سور المشهورة أن امرأة جاءت إلى عمر فقالت له: إن زوجي يصوم النهار ويقوم الليل.
ثم إنها استحيت ورجعت، فقال كعب بن سور إنها تشتكي زوجها، قال: وكيف؟ قال: إذا كان يصوم النهار دائما ويقوم الليل كله فمتى يتفرغ لها؟
فعند ذلك أرسل إلى زوجها فقال له: إن زوجتك تشتكي، فعند ذلك قال عمر لكعب احكم عليه، احكم عليه بما ترى، حيث أنك فهمت قضيتها، فقال له كعب يا هذا إن الله أحل لك أربعا لكل واحدة ليلة، أي لكل واحدة ربع الدهر، وحيث لم يكن عندك إلا زوجة واحدة فلا تحرمها من ربع الدهر، فلك ثلاث ليال تتعبد فيها وتصلي فيها، ولها ليلة واحدة. فعجب عمر من فطنته، وأرسله قاضيا.
فأخذوا من هذا أن من عنده زوجة لا بد أن يبيت عندها ليلة من أربع ويتفرغ ثلاث ليال، ومن عنده زوجتان يتفرغ ليلتين ويعطي كل واحدة ليلة، ومن عنده ثلاث يتفرغ ليلة واحدة ويبيت عندهن ثلاث ليال بعدها، أما من عنده أربع فليس له التفرغ إلا بإذنهن، بل لكل واحدة ليلة، يقسم الشهر بينهن لكل واحدة ليلة.
وحيث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عنده في الأول تسع وفي الأخير ثمان، وإن كان إحداهن وهبت ليلتها لبعضهن، سودة وهبت ليلتها لعائشة ؛ فأصبح يقسم لثمان، ولكنه يقسم لعائشة ليلتين؛ فإنه مع ذلك يعدل؛ فيبيت عند كل واحدة ليلة ويدور عليهن في تسعة أيام، ويقول ما سمعنا، يقول: اللهم إن هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك يعني القلب.
الذي يملكه الإنسان هو كونه يبيت عند كل واحدة ليلة، وأما المودة فإنها شيء يقذفه الله في القلب؛ فلا يستطيع أن يسوي بينهن في المحبة، مودة القلب لا يستطيع التسوية بينهن، وكذلك يتبع المودة الشهوة، الشهوة تتبع المحبة، فقد لا يستطيع أن يسوي بينهن في الشهوة؛ فيكون عند بعضهن تثور شهوته أكثر، وعند بعضهن لا يميل إليها إلا قليلا بأن يستكره نفسه أو نحو ذلك.
فعلى هذا لا بد من المبيت الذي هو النوم عندها ليلة كاملة، وسواء وطئها أو لم يطأ، وكذلك لا بد أيضا من التسوية بينهن في غير ذلك؛ يعني في الكسوة، وفي النفقة، ونحو ذلك، وهكذا أيضا في القيلولة، إذا كان يقيل بالنهار؛ فيقيل عند هذه ليلة، وعند هذه ليلة، وكذا في التصبح، إذا كان يتصبح يعني ينام الصبحة عادة؛ فإنه ينام عند هذه ليلة، وعند هذه ليلة؛ حتى يسوي بينهن، وكذلك في الصبح.
فالحاصل أنه يسوي بينهن ما استطاع، ولا يجوز له الميل، ولكن يعفى عما يكون بالقلب، يعفى عنه وهو المذكور في قوله تعالى: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ خبر من الله أنكم لا تستطيعون ولو حرصتم.
العدل صعب، يعني العدل في المودة والعدل في المحبة ونحو ذلك صعب، ولكن لا يجوز الميل الكلي فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ تميلوا مع واحدة، وتذروا الأخرى، وتذرها تتركها كأنها معلقة، لا أيما ولا ذات بعل، فإن هذا هو الضرر الذي نهى الله عنه وعاقب عليه، في هذا الحديث لعله يريد الميل كل الميل من كان له زوجتان فمال مع إحداهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط يعني كأنه مال مع إحداهما بجانبه، مال إلى هذا الجانب؛ فعوقب بأن سقط هذا الجانب الذي مال به، وقد يكون هذا السقوط حسيا، وقد يكون معنويا بأن يكون مثلا ميتا أو خامدا أو ثقيلا أو نحو ذلك؛ فيكون هذا علامة على أنه جارَ في قسمه ولم يعدل عقوبة عليه.
فالميل الذي يقدر عليه هو أن يميل ميلا كاملا بحيث يهجر الثانية، يهجر إحداهما ولا يأتي إليها إلا إلماما، ويكون قيلولته ونومه وأكله وجلوسه دائما عند هذه، وأما الأخرى فلا يلتفت إليها ولا يأتيها إلا نادرا، ولا شك أنها تتألم من ذلك وتستنكر ما يفعله، وأنها قد تغار عليه إذا ما رأته مائلا هذا الميل.
معروف أن المرأة لا تحب أن يكون لها شريكة في زوجها، غالبا أنها تغار أن يكون لها شريكة، ولذلك تسمى الشريكة ضرة، يعني كأنها تضارها، وتضرها مجاورتها لها ومشاركتها لزوجها، ولكن مع ذلك عليها أن ترضى بما قسم الله، ولا يجوز لها أن تلزم زوجها بأن يطلق الضرة، وبأن يقصر عليها أو يعلقها ويتركها بلا قسم، أو لا يعطيها إلا أقل من حقها مطاوعة لإحداهما، حيث إن كثيرا من الأزواج حين يحصل منه هذه المضارة يفعلون ذلك تلبية لطلب إحدى المرأتين، إذا مال إلى إحداهما أخذت بقلبه وبتلابيبه، وصدته عن الثانية، وصارت تفتري عليها، وتقول: إنها فعلت، وإنها تفعل، وإنها، وإنها؛ حتى توغر قلبه، وحتى يضارها، وإذا تحقق في الأمر وجد أنه ليس كذلك، وإنما هذا من زيادة الغيرة على ضرتها، ومحبة أنها تتنقص منها، وتحقرها عنده حتى يفارقها، وتنفرد به سواء كانت هي الأولى أو الثانية.
على كل حال عليه أن يتحرى العدل، وإذا عرف أنه لا يقدر على العدل الذي هو العدل الواجب، والحرص عليه؛ فلا يجوز له إمساكها، بل يخلي سبيلها؛ حتى لا تتألم وتتضرر، إلا إذا رضيت كما فعلت سودة ؛ فإنها خافت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يطلقها؛ فأحبت أن تبقى في اسم أمهات المؤمنين، الذين يكن مع زوجات له في الآخرة، وأن تسقط حقها من القسم؛ فرضيت بذلك، ووهبت يومها لعائشة؛ فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم في أمهات المؤمنين.
أسئـلة
س: طيب يا شيخ لو كان عنده مثلا زوجتان، فالقديمة قال لها: أنت بالخيار، إن شئت أن أدعك بدون ليلة، أو أطلقك، فهل يجوز له ذلك شرعا؟
والله يعني هذا قد يقع من كثير من الرجال، ولكن الحق أن هذه المرأة التي صبرت عليه في أول عمرها، ونذرت له بطنها، وبقيت عنده طول حياتها وأكثر حياتها؛ فليمسكها ولا يطلقها، ولا يضارها، ولا يهجرها الهجر الكلي الكامل، ولا يقول لها هذه المقالة، يهددها بالطلاق، فإنها ما تريد الطلاق الذي يفرق بينها وبين أولادها، بل هي تحب أن تبقى معه، ولو لم يقسم لها، تقول: ما دام أن هذا يحملك على أن تطلقني؛ أنا أذهب، وأترك أولادي وذريتي، ويتولى تربيتهم غيري، فأنا أبقى ولو بدون ليلة، فتبقى بذلك وهي تواجه الحسرة، وتواجه التضرر، ولكن له أن يبيت عندها ويعطيها حقها، ولو أقل من حقها إذا سمحت بذلك.