شرح سنن الترمذي
باب ما جاء في الرجل يسبي الأمة ولها زوج هل يحل له أن يطأها؟
باب ما جاء في الرجل يسبي الأمة ولها زوج هل يحل له أن يطأها؟
حدثنا أحمد بن منيع اسم> حدثنا هشيم اسم> حدثنا عثمان البتي اسم> عن أبي الخليل اسم> عن أبي سعيد الخدري اسم> قال: رسم> أصبنا سبايا يوم أوطاس اسم> ولهن أزواج في قومهن، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت: رسم> وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ قرآن> رسم> متن_ح> رسم> .
قال أبو عيسى اسم> هذا حديث حسن، وهكذا رواه الثوري اسم> عن عثمان البتي اسم> عن أبي الخليل اسم> عن أبي سعيد اسم> وأبو الخليل اسم> اسمه صالح بن أبي مريم اسم> وروى همام اسم> هذا الحديث عن قتادة اسم> عن صالح أبي الخليل اسم> عن أبي علقمة الهاشمي اسم> عن أبي سعيد اسم> عن النبي صلى الله عليه وسلم، حدثنا بذلك عبد بن حميد اسم> حدثنا حبان بن هلال اسم> حدثنا همام اسم> .
باب ما جاء في كراهية مهر البغي.
حدثنا قتيبة اسم> حدثنا الليث اسم> عن ابن شهاب اسم> عن أبي بكر بن عبد الرحمن اسم> عن أبي مسعود الأنصاري اسم> قال: رسم> نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحُلوان الكاهن متن_ح> رسم> قال: وفي الباب عن رافع بن خديج اسم> وأبي جحيفة اسم> وأبي هريرة اسم> وابن عباس اسم> .
قال أبو عيسى اسم> حديث أبي مسعود اسم> حديث حسن صحيح.
معلوم أن النكاح إنما يكون مع انتفاء الموانع؛ فلأجل ذلك إذا عُقد وهناك مانع من الموانع حُكم ببطلان النكاح، فلا يجوز أن تُزوج المرأة وهي في ذمة زوج، كما لا يجوز أن يتزوج وعنده أربع، كما لا تتزوج وهي في عدة من طلاق أو وفاة، هذه موانع، لكن قد استثنى من ذلك السبي، السبي قتال الكفار، فإذا قاتلهم المسلمون ثم إنهم تغلبوا عليهم وغنموا منهم، غنموا الأموال وسبوا النساء وسبوا الذرية، فإن هذا السبي يصير ملكاً للغانمين، فيفرق بين الغانمين، فإذا فُرق بينهم معلوم أنه لا بد أن يكون فيه زوجات، زوجات مُزوجات، وأن يكون فيه إماء إما مُزوجات وإما مُتَسَرًّى بهن، وغالباً يكون فيهن من هي حامل؛ لأجل ذلك يحرم إذا تزوج أمة حاملا أن يطأها حتى تضع حملها، إذا سباها أو اشتراها وهي حامل لم يجز وطؤها حتى تضع حملها.
ولكن لمجرد السبي ينفسخ النكاح بدليل هذه القصة، فإنهم لما سبوا هؤلاء النسوة في غزوة أوطاس اسم> -التي بعد وقعة حنين اسم> - أصابوا هذا السبي واقتسموه، وكان فيه جواري فتحرجوا، عرفوا أن هؤلاء النساء لهن أزواج، تحرجوا أن يطئوهن لملك اليمين فأنزل الله هذه الآية: رسم> وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ قرآن> رسم> والمحصنات هذه معطوف على المحرمات، المحرمات التي في الآية: رسم> حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ قرآن> رسم> إلى قوله: رسم> وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ قرآن> رسم> أي وحُرمت عليكم المحصنات من النساء رسم> إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ قرآن> رسم> .
وما المراد بالمحصنات؟
الصحيح أن المراد به المُزَوجات يعني ذوات الأزواج، لا يحل لكم أن تتزوجوهن؛ فإن المرأة لا تكون في ذمة زوجين حتى لا تختلط الأنساب، فالمحصنات هن ذوات الأزواج، وإلا المحصنات العفائف هذه يحل نكاحهن؛ لقوله تعالى: رسم> الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ المُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ قرآن> رسم> المراد بالمحصنات هنا العفائف، العفيفات اللاتي يتعففن عن الزنا ونحوه، يعني تنكحوهن، وأما في آية النساء فالمحصنات هن المزوجات رسم> وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ قرآن> رسم> يعني ذوات الأزواج حرام عليكم رسم> إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ قرآن> رسم> هذا مستثنى، يعني لكن الذي تملكه أيمانكم -يعني بالسبي- فإنه ينتقل ملكها إليكم.
ويقول العلماء: إن المُلْك أقوى من الزوجية. الوطء بالملك أقوى من الوطء بالزوجية، فإذا ملكها حلت له ولو كانت مُزوجة، ينفسخ النكاح بالسبي وبالملك، وتكون ملكاً لذلك السيد الذي ملكها بالسبي ونحوه، وإذا كانت ملكاً له فلا يجوز له أن يطأها حتى يستبرئها بحيضة أو بوضع الحمل إن كانت حاملا؛ لقوله في حديث أبي سعيد اسم> رسم> لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة متن_ح> رسم> .
لو قُدر مثلاً أن زوجها أسلم بعد ما مُلكت لم يستطع أن يسترجعها؛ لأن المسلمين أخذوها بالمغالبة، فأصبحت مملوكة، وزوجها عندما أُخذت وسُبيت كان كافرا، وبملك المسلمين لها انفسخ النكاح، انفسخ نكاح زوجها وأصبحت ملكاً للمؤمنين الذين سبوها، هكذا ذكروا أنها إذا سُبيت ولو كانت ذات زوج ينفسخ النكاح.
وذكروا عن بعض السلف أنواع طلاق الأمة، أنها يكون طلاقها متعددا، فقالوا: سبيها طلاق لها، وبيعها طلاق لها، وهبتها طلاق لها، وعتقها طلاق لها، يعني تملك الطلاق إذا كان زوجها عبداً، وتطليق الزوج طلاق لها، يعني أصبح لها ست أو خمس من الطلاق طلاق الأمة، سبيها، وهبتها، وبيعها، وعتقها، وطلاق زوجها، وفسخها.
إذا بِيعت، اشتراها إنسان ولو كانت مزوجة فإن المشتري له حق التملك، فينفسخ النكاح؛ لأن الملك أقوى من الزوجية، أنت مثلاً تملك هذه الأمة، وزوَّجتها إنسانا عبدا أو حرا تريد أن يكون أولادها عبيدا لك، ولما زوجتها خطر ببالك بيعها، المشتري اشتراها على أنها مملوكة له ولما اشتراها فإنه يملك وطأها، وإذا كان يملك ذلك فكيف يملكه وهي مزوجة؟
ينفسخ النكاح، نكاح زوجها سواء كان حرا أو عبدا؛ لأن السيد ملكه أقوى من الزوجية، فينفسخ النكاح، ولكن لا يستمتع بها الزوج حتى يستبرئها كما عرفنا، والمشتري لا يستمتع بها حتى يستبرئها، وأما الزوج فينفسخ نكاحه.
هناك خلاف في المُعتَقة، هل إذا كان زوجها حرا تعتق أو تملك العتق؟
تملك يعني الفسخ، فسخ نكاحها من زوجها؟
فيه خلاف، في قصة بريرة اسم> التي اشترتها عائشة اسم> فأعتقتها ولما أعتقتها طلبت الفسخ، وفسخت نكاحها من زوجها، وقد اختُلف هل زوجها كان حرا أو عبدا؟
فرجح الحنفية أنه كان حرا، ورجحه أيضاً ابن حزم اسم> في المحلى، وجعلوا للأمة إذا عتقت الخيار في أن تبقى مع زوجها أو تنفسخ ولو كان زوجها حرا، وتمسكوا بالرواية التي رواها الأسود اسم> عن عائشة اسم> أن زوجها كان حرا وقالوا: إنها زُوجت بغير اختيارها غالبا؛ لأن سيدها يملك منفعتها فزَوَّجَهَا، فلما زوَّجها وأصبحت حرة تتصرف في نفسها ملكت الفسخ.
والجمهور على أنها لا تملك الفسخ إلا إذا كان زوجها عبدا؛ لأنه إذا كان حرا فقد ساوته أصبحت حرة وهو حر فلا تملك الفسخ، والمسألة فيها خلاف.
مسألة>