إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
شرح سنن الترمذي
41288 مشاهدة
باب ما جاء فيمن يجيء إلى الوليمة من غير دعوة

باب ما جاء فيمن يجيء إلى الوليمة من غير دعوة.
حدثنا حماد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن أبي مسعود قال: جاء رجل يقال له أبو شعيب إلى غلام له لحام، فقال اصنع لي طعاما يكفي خمسة فإني رأيت في وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجوع. قال: فصنع طعاما ثم أرسل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فدعاه وجلساءه الذين كانوا معه، فلما قام النبي -صلى الله عليه وسلم- اتبعهم رجل لم يكن معهم حين دعوا، فلما انتهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الباب قال لصاحب المنزل: إنه اتبعنا رجل لم يكن معنا حين دعوتنا فإن أذنت له دخل قال: لقد أذنا له فليدخل . قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح. قال: وفي الباب عن ابن عمر .


المدعو: هو الذي تتوجه إليه الدعوة، أو يرسل إليه مندوبا ليدعوه للحضور للطعام ونحوه. هذا هو الذي يعين ويخصص. في هذه القصة أن هذا الصحابي لما رأى الجوع في وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر غلامه بأن يصنع طعاما يكفي خمسة، ثم أرسل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- هو وجلساءه، ولما ساروا تبعه رجل ليس منهم، فاستأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- صاحب المنزل هل يأذن لهذا الذي لم يدع أو لا يأذن له؟ فإن لم يأذن له قال له ارجع. ولكن صاحب المنزل أذن له.
وأخذ من هذا أنه يستأذن، أن هذا الرجل الذي لم يدع لا يدخل إلا بإذن من صاحب المنزل؛ فإذا دخل بدون إذن؛ اعتبر طفيليا، الطفيلي: هو الذي يأتي أو يدخل على أهل البيت بدون دعوة، وهي صفة مذمومة قبل الإسلام وبعده. ويضربون المثل بقولهم: طفيلي ومقترح؛ فأمروا بأن يستأذن لهم؛ هؤلاء الذين يدخلون بدون دعوة يستأذن لهم، فإذا لم يأذن له صاحب المحل رجعوا، وإن أذن لهم فلا بأس، ويستحب الإذن لهم سيما إذا كان في الطعام فَضْلٌ. أما إذا كان الطعام قليلا يمكن ألا يكفي المدعوين، أو يكون بقدرهم بلا زيادة؛ فيستحب ألا يضايقهم أحد، وأن يتركوه يكون بقدر كفايتهم.
أما إذا علم هذا الإنسان الذي لم يدع علم بأن صاحب المنزل يحبه؛ ولكنه غفل عنه ونسي أن يدعوه، أو علم أن في الطعام فضل وزيادة ليسوا بحاجة إليها، سيبقى بقايا من الطعام يأكل منه هو ويأكل غيره، وكان هو بحاجة إلى الأكل، كما في أزمنة المجاعات ونحوها.
ففي هذه الحال يجوز له أن يحضر ليأكل؛ فأكله من هذا الطعام الذي هو زائد عن قدر الحاجة أولى من أن يلقى الطعام ولا ينتفع به، وعلى كل حال الأزمنة تختلف باختلاف حالات الناس فقرا وغنى وجوعا وشبعا.