إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
شرح سنن الترمذي
51755 مشاهدة print word pdf
line-top
باب ما جاء في الأوقات التي يستحب فيها النكاح

باب ما جاء في الأوقات التي يستحب فيها النكاح.
حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا سفيان عن إسماعيل بن أمية عن عبد الله بن عروة وعن عروة عن عائشة قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال، وبنى بي في شوال. وكانت عائشة تستحب أن يبنى بنسائها في شوال .
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث الثوري عن إسماعيل بن أمية .


ذكروا أن بعض العرب كانوا يكرهون النكاح في شوال؛ لأنه قبل الأشهر الحرم؛ فلذلك خالفهم النبي صلى الله عليه وسلم فعقد على عائشة فيه، وبنى بها –يعني- دخل بها فيه بعد ثلاث سنين في شوال فحظيت عنده؛ كانت أحظى نسائه عنده، وكانت أحبهن إليه وأقربهن منه مكانة.
فلذلك رأت عائشة أن هذا لمخالفة المشركين ونحوهم، أو أن هذا على وجه الاستحباب؛ فاستحبت أن يبنى بنسائها في هذا الشهر.
والصحيح أنه ليس لشهر شوال مزية على غيره؛ ولكن أراد بذلك قطع العادة الجاهلية؛ فيجوز في شوال ويجوز في ذي القعدة، ويجوز في أية شهر وأية وقت مناسب يكون البناء ويكون العقد، ولا يكره في زمن من الأزمان.
وما كان أيضا عند أهل الجاهلية من كراهة السفر في صفر وكذا النكاح، وكذلك المعاقدات ونحوها، ويتشاءمون من شهر صفر هذا أيضا لا حقيقة له؛ فالأشهر كلها عند الله سواء، ولا يجوز لأحد أن يعتقد في شهر من الأشهر أو في سنة من السنين أنها تؤثر أو أنها تضر أو أنها تفيد أو تؤثر بنفسها؛ فإن هذا اعتقاد الجاهليين الذين يسبون الدهر، وفي الحديث القدسي : يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر .
فلا يجوز أن تسب الأيام ولا الأشهر، ولا يقال: هذا شهر مشئوم، وهذا يوم مشئوم ونحو ذلك. إنما الأيام خلق الله –تعالى- وإذا وقع في شهر أو في يوم عذاب أو موت أو نكبة أو نحو ذلك فليس ذلك بشؤم اليوم؛ وإنما هو من شؤم أهله الذين عملوا فيه هذه الأعمال.
وعلى هذا لا يعتقد في شهر أنه مشئوم ولا أنه ميمون خاصة إلا الأشهر التي فضلت بنص شرعي، تفضل فيها الأعمال كرمضان، وعشر ذي الحجة وما أشبهها.
أسئـلة
س: يقول عن عائشة وكانت عائشة تستحب أن يبنى بنسائها في شوال. ألا يكون هذا يا شيخ مستندا أنه يستحب الزواج في شوال استنادا لقول عائشة ؟
قد يقال: هل النبي -صلى الله عليه وسلم- خص شوال لأجل بركته، أو خصه لأجل قطع العادة الجاهلية؟ والراجح أنه خصه لقطع العادة الجاهلية، ولعلها فعلت ذلك لهذا الأمر؛ أنها تريد أن يعرف الناس أن ابتعادهم عن العقد والبناء من هذا الشهر لا أصل له، فأرادت أن يكثر الذين يبنون بزوجاتهم فيه حتى تنقطع العادة الجاهلية، لعل هذا هو الأقرب.
جزاك الله خيرا.

line-bottom