شرح سنن الترمذي
باب ما جاء في إعلان النكاح
باب ما جاء في إعلان النكاح.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ اسم> حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ اسم> أَخْبَرَنَا أَبُو بَلْجٍ اسم> عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيِّ اسم> قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: رسم> فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَرَامِ وَالْحَلَالِ الدُّفُّ وَالصَّوْتُ متن_ح> رسم> .
قَالَ: وَفِي الْبَاب عَنْ عَائِشَةَ اسم> وَجَابِرٍ اسم> وَالرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ اسم> قَالَ أَبُو عِيسَى اسم> حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ اسم> حَدِيثٌ حَسَنٌ وَأَبُو بَلْجٍ اسم> اسْمُهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ اسم> وَيُقَالُ ابْنُ سُلَيْمٍ اسم> أَيْضًا وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ اسم> قَدْ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ غُلَامٌ صَغِيرٌ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ اسم> حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ اسم> أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ الْأَنْصَارِيُّ اسم> عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ اسم> عَنْ عَائِشَةَ اسم> قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: رسم> أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ، وَاجْعَلُوهُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفُوفِ متن_ح> رسم> .
قَالَ أَبُو عِيسَى اسم> هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ حَسَنٌ فِي هَذَا الْبَابِ، وَعِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ الْأَنْصَارِيُّ اسم> يُضَعَّفُ فِي الْحَدِيثِ، وَعِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ اسم> الَّذِي يَرْوِي عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ اسم> التَّفْسِيرَ هُوَ ثِقَةٌ.
حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَصْرِيُّ اسم> حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ اسم> حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ اسم> عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ اسم> قَالَتْ: رسم> جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ عَلَيَّ غَدَاةَ بُنِيَ بِي فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي وَجُوَيْرِيَاتٌ لَنَا يَضْرِبْنَ بِدُفُوفِهِنَّ وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ إِلَى أَنْ قَالَتْ إِحْدَاهُنّ:َ وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اسْكُتِي عَنْ هَذِهِ وَقُولِي الَّذِي كُنْتِ تَقُولِينَ قَبْلَهَا متن_ح> رسم> قَالَ أَبُو عِيسَى اسم> هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
في هذا فيه إباحة الدف الضرب بالدف وكذلك استعمال الصوت الذي هو غناء من المباح، وجعله فرقا ما بين الحلال والحرام، وأمرا بإعلان النكاح رسم> أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدف متن_ح> رسم> فرق ما بين الحلال والحرام الدف والصوت.
الدف هو الآلة التي تضرب ويكون لها صوت وهي مثل الطست أحد وجهيها مفتوح والآخر مغلق فيضرب الوجه المغلق، وإغلاقه الأصل مثل اللوح المقوس، ويغلق أحد طرفيه بجلد يابس غير مدبوغ؛ بل مجفف حتى سقط شعره فإذا ضرب صار له صوت، فإن كان مختوما من الجانبين سمي طبل، والطبل لا يجوز؛ وذلك لأن فيه صوتا أقوى من صوت الدف.
فالإباحة وردت في استعمال الدف في النكاح وضربه ضربا يحصل به الإعلان، ويحصل به أيضا إظهار الفرح بهذا النكاح.
لا شك أنه يوم فرح، أن هذا النكاح فيه فرح وابتهاج بحصول هذا الزفاف بين هذين الزوجين، وتبريك لكل منهما ودعاء لهما، فناسب أن يكون هناك شيء من الفرح؛ فضرب الدف يفيد إظهار الفرح.
وكذلك استعمال الصوت الذي هو غناء ولكن غناء مباح، أي: شعر مباح معه شيء من التغني والطرب؛ لكن ليس تشبيبا، ولا غناء بذكر الفواحش أو غناء بما يدفع على فعل المنكرات أو نحوها.
فإذا كان كذلك كان مما أثر ومما عمل به، وقد ورد أيضا أمثلة لذلك فمن الأمثلة: هؤلاء الجواري اللاتي يغنين غداة بني بهذه المرأة، يغنين بالشعر الذي قيل في يوم بُعَاث أى: ما قاله الأنصار قبل أن يسلموا فيما بينهم من رثاء أموات لهم ماتوا في تلك الفتن، وذكر شيء من مآخذهم،و أفعالهم؛ فلا يستعملون ولا يجوز.
ولهذا لما قالت إحداهن: وفينا نبي يعلم ما في غد؛ أنكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا يعلم ما في الغد، لا يعلم ما في غد إلا الله يقول الله تعالى: رسم> وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا قرآن> رسم> لا الأنبياء ولا غيرهم، لا يعلمه إلا الله.
فإذا كان الغناء بتحية وترحيب ومديح غير مغال فيه فإنه من جملة ما أباحه الله، ومما ينشط على مثل هذا الفرح، ومما تقوى به النفس ومما يحصل به شيء من قوة النفس والإقبال على مثل هذه الحفل والتبريك للمتزوجين والدعاء لهما وما أشبه ذلك.
أما الغناء المحرم؛ فلا يجوز بأي نوع من أنواعه؛ وذلك لأنه محرم أصلا؛ ولأنه يثير الغرائز ويدفع إلى الحرام وما أشبه ذلك.
ثم الضرب بالدف قال بعضهم: إنه يختص بالنساء، كما هو العادة الآن من أن الذي يضربه هو النساء فيما بينهن، يضربن ويغنين بشيء من الغناء فيما بينهن.
وقيل: إنه للرجال ما دام إن القصد منه إعلان النكاح فيضرب ولكن بدون مبالغة لا يبالغون فيه بل بقدر ما يحصل به الإعلان وإظهار أن هذا حفل زواج أو نحو ذلك.
ويقول بعض المشايخ: إن الإعلان قد يحصل في هذه الأزمنة بدون ذلك: فيحصل مثلا بهذه الإنارة التي تكون في بيت الزوج أو ولي الزوجة، أو تكون في البيوت المخصصة للحفلات، وإن كان هذا لا يكفي؛ لأنه لا يعرف به، أي الزوجين لا يعرف من هو الزوج ما لم يكن على بلد له خاصة به.
وكان بعضهم في القرى يستعمل ما يفيد المعرفة والإعلان، سمعت بعض مشايخنا في إحدى القرى يذكر: أنهم إذا كانت ليلة الزفاف في تلك القرية -يمكن قبل خمسين سنة أو أكثر- يستعملون الطيب في المساجد؛ حيث يذهبون إلى كل مسجد في..، ويمشون على كل المصلين بعد صلاة المغرب أو صلاة العشاء يطيبونهم؛ فذلك لما يلفت أنظارهم أن هناك زواجا، يجتمعون عليه؛ لأنها قرية أهلها محصورون، فهذا أيضا من الإعلان وإن لم يكن معتادا.
في هذا الحديث قوله: رسم> واجعلوه في المساجد متن_ح> رسم> كان بعض العلماء يستحبون أن يكون عقد النكاح في المساجد لهذا الحديث؛ يعني: إذا أرادوا العقد الذي هو الإيجاب والقبول وشاهدان كانوا في المسجد؛ رجاء أن تحصل لهم البركة إذا دعوا بالبركة بين الزوجين فإن من السنة أن يدعو الذي يعقد بقوله: رسم> بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير متن_ح> رسم> رجاء أن تستجاب هذه الدعوة إذا كانت في مكان فاضل كالمسجد.
كان في الجاهلية عند العقد يدعون للمتزوج بقولهم: بالرفاء والبنين. هذا تبريكهم؛ فنهى الله ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأمر بالدعاء بقوله: رسم> بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير متن_ح> رسم> وبذلك ترجى إجابة هذه الدعوة.
أسئـلة
س: طيب يا شيخ، بالنسبة لضرب الدفوف للرجال يلاحظ أنه في بعض الزواجات يقوم نفس الرجال بضرب الدفوف، فهل يجوز لهم ذلك؟، وهل يجوز حضور الزواج الذي يتم فيه مثل هذا؟
سؤال> الظاهر أنه يجوز إذا كان القصد إعلان النكاح. إنما مجرد ضرب الدف لأجل الإعلان؛ لأن الحديث على إطلاقه رسم> أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدف متن_ح> رسم> ولم يخص النساء ولا الرجال، أطلق، فظاهره أنه لا بأس؛ لكن حيث كونه معتادا الآن أن الضرب يكون مع النساء؛ فلا يجوز مخالفة هذا المعتاد بل يترك للنساء، هن اللاتي يستعملن ضرب ذلك فيما بينهن، وكذلك الصوت الذي قال في هذا الحديث: رسم> الدف والصوت متن_ح> رسم> يكون أيضا بين النساء في محيطهن.
مسألة>