اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الأول
39283 مشاهدة
تقديم فضيلة الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

الحمد لله رب العالمين، الملك الحق المبين، الموصوف بصفات الكمال، المنزه عن الأشباه والأمثال، أحمده سبحانه وأشكره وأستعينه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ظهير ولا معين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد كنت شرحت العقيدة الواسطية التي كتبها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- لرجل من أهل واسط والتي احتوت على عقيدة السلف الصالح بما دل عليه القرآن والحديث، وذلك أن علماء الحنابلة في الأزمنة الماضية لم يشرحوا هذه العقيدة؛ بل ولا اللمعة، ولا ما كتبه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- من العقائد، وإنما كان الحنابلة يعتنون بكتب الفقه ويتوسعون فيه إلا القليل منهم كأبي يعلى القاضي والإمام البربهاري والموفق ابن قدامة وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم والسفاريني ثم أئمة الدعوة من علماء نجد رحم الله الجميع.
لكن هذه العقيدة رغم أهميتها لم تحظ بعناية أحد منهم، فلما احتيج إلى تدريسها في المعاهد العلمية وحلقات المجالس والمساجد تعين أن يعتنى بها، فشرحها بعض علماء هذه البلاد كالشيخ عبد العزيز بن رشيد والشيخ زيد بن فياض -رحمهما الله تعالى- والشيخ عبد العزيز بن سلمان رحمه الله تعالى.
فلما كان في حدود سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة وألف للهجرة رغب إلي بعض طلبة العلم أن أشرحها لهم والتزموا بحفظ المتن وتسجيل الشرح، فأجبتهم إلى ذلك رغم ما أقوم به من الدروس النظامية في الكلية وإمامة المسجد الجامع الكبير بالنيابة، وقد توسعت في الشرح لرغبتهم في الإيضاح، ولم أتمكن من مراجعة الشروح الأخرى ولا من النقل من كتب المؤلف أو غيرها، وإنما اعتمدت في الشرح على ما في الذاكرة من العلوم والفوائد التي تلقيتها عن مشايخي الأجلاء أو على ما علق بالذهن من الكتب حال المطالعة والقراءة القديمة وقت الفراغ.
ولا شك أن ما اعتمد فيه على الذاكرة قد يكون خطأ، أو فيه خلاف، أو تقديم وتأخير، أو إبدال كلمة بأخرى أو نحو ذلك، ورغم أني لم أعتمد فيه على الكتب المؤلفة قبلي فقد رأى أولئك الطلاب أن فيه فائدة أو فوائد، وأن من المصلحة الاحتفاظ به ثم نشره، فقاموا بإفراغه ونسخه من الأشرطة وهذبوه وعرضوه عليّ بعد نسخه، فقرأته -مع ما أنا فيه من شغل البال وكثرة الأعمال- فأصلحت ما ظهر لي أنه خطأ، وحذفت منه ما هو مكرر أو استغني عنه، وأذنت بنشره كما هو، فعسى أن يكون فيه نفع لمن أراد الله به خيرا، وعسى أن إخوتي ينبهوني على ما وقعت فيه من زيادة أو نقص أو سهو أو غفلة أو غلط في اللفظ أو في المعنى، فإن المؤمن مرآة أخيه المؤمن، والحق أحق أن يتبع، ونسأل الله أن يعفو عنا الخطأ والزلل، وأن يجعل هذا الشرح خالصا لوجهه الكريم، مقربا للزلفى لديه، والله أعلم، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.

عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله الجبرين