إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. logo لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
shape
شرح مختصر زاد المعاد
44165 مشاهدة print word pdf
line-top
الأمر بمحبة النبي

...............................................................................


كذلك أيضًا من حقه على أمته واتباعِه واتباعِ هديه محبتُه، وقد قرن محبته بمحبة الله، قال الله تعالى: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا .
أسئـلة
بسم الله الرحمن الرحيم.
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، اللهم فصل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، والسائرين على نهجه، والمقتدين بهديه وسنته إلى يوم الدين، وسلم اللهم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: أيها الإخوة في الله، أحييكم في هذه الأمسية الطيبة المباركة بتحية الإسلام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ويطيب لنا جميعًا أن نلتقي بصاحب الفضيلة شيخنا الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين في هذا اللقاء المفتوح، الذي هو من ضمن برامج الدورة العلمية، التي يسر الله له وأتاح لنا الفرصة للالتقاء بفضيلته فجزاه الله خيرًا.
وفي الحقيقة أن هناك مجموعة كثيرة من الأسئلة بين يدي، ولكنني سأختار منها ما يفيد الجميع، أما القضايا الشخصية أو الفتاوى الشخصية فيمكن أن تقتصر على السائل فقط، ويمكن أن يتصل بفضيلته عبر ما هو محدد من وقت في البرنامج الذي هو معلن للجميع، وأستميح فضيلته لأفتتح هذا اللقاء بهذا السؤال.
س: يقول السائل: أيهما أفضل في السفر القصر والجمع، أم القصر وصلاة كل صلاة في وقتها؟ نرجو إيضاح ذلك أثابكم الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: نجيب على ما تيسر من هذه الأسئلة التي تقدمتم بها، أو تقدم بها إخوانكم، ويكون الجواب حسبما وصل إليه علمنا، ونقول أيضًا إن فضيلة الشيخ عبد العزيز وفقه الله لا تخفى عليه الأجوبة لهذه الأسئلة، ولا تخفى أيضًا على كثير من الحاضرين، ونأمل من فضيلته إذا كان الجواب فيه خلل أو نقص أو عنده تعليق أو إضافة أو مخالفة أن لا يبخل بما عنده.
فلا شك أن الرأي مشترك، وأن الجميع عليهم مسئولية، وأنه يلزم كل من عنده علم أن يبين، وأن الله تعالى ما أخذ العهد على أهل الجهل أن يتعلموا؛ حتى أخذ العهد على أهل العلم أن يعلموا وأن يبينوا، وأنه لا يجوز كتمان العلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من النار نعوذ بالله؛ ولأن الله توعد أهل الكتاب على الكتمان في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ .
نبدأ في الجواب بما تيسر.
الذي يظهر لي خلاف ما هو مشهور عند كثير من الفقهاء، فبالنسبة إلى الجمع أرى أن الجمع يختص بالسائر، وأن النازل لا يجمع، فهذا هو الذي ترجح عندنا، وإن كان هناك بعض من العلماء يقولون: إن كل من يقصر فإن له أن يجمع.
والاختيار أنه لا يجمع إلا إذا كان جادا به السير اقتصارًا على النقل، فالثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل عليه الوقت وهو نازل ولكنه سيرحل؛ إذا دخل عليه الظهر أو المغرب وهو نازل؛ ولكنه سيرحل صلى الظهر وقدم معها العصر، ثم ركب وسار وواصل السير إلى الليل، حتى لا يعوقه النزول للعصر مرة أخرى، لأن النزول يعوقهم، وإذا غربت عليهم الشمس وهم نازلون ولكنهم سيرحلون قدموا العشاء مع المغرب، صلوهما جمع تقديم، ثم واصلوا السير إلى أن ينزلوا نصف الليل أو نحو ذلك للاستراحة، هذا هو الذي نقل في كثير من الأحاديث، روي أنه صلى الله عليه وسلم جمع في تبوك بغزوة تبوك مرة جمع الظهرين والعشاءين وهو نازل، وحمله بعض العلماء على أن هناك شغل شغله لأجله قدم أو أخر.
كذلك أيضًا كان يفعل الأرفق به، فإن دخل الظهر عليه وهو يمشي أخر الظهر حتى ينزل إلى العصر فيصليهما جميعًا، وإن دخل عليه المغرب وهو ماش أخر المغرب حتى ينزل لصلاة العشاء فيصليهما معًا، ويسمى جمع تأخير، يفعل ما هو الأرفق به.
فأما وهو نازل فإنه يوقت، فقد أقام بتبوك عشرين يومًا يصلي كل صلاة في وقتها ولكنه يقصر، وأقام بمكة زمن الفتح ستة عشر يومًا وهو يقصر ولكنه يوقت، وأقام في حجة الوداع أربعة أيام في الأبطح يوقت مع القصر، وأقام في منى أربعة أيام يوم العيد وثلاثة أيام بعده يقصر ولكنه يوقت، فهذا هو الذي يترجح عندنا.
س: فضيلة الشيخ: استكمالًا لهذا الموضوع؛ ما حكم صلاة النوافل أو الرواتب في السفر ؟ وهل يتركها المسافر غير ركعتي الفجر والوتر، أم يصلي الرواتب مثل ما يصليها في الحضر؟
يظهر لنا أن قصر الصلاة الرباعية وكذلك التسامح في الرواتب كان لأجل المشقة، وذلك لأن السفر فيه مشقة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم نومه وراحته فإذا قضى نهمته فليسرع الفيء فجعله قطعة من العذاب، ولأجل ذلك جاءت الرخص فيه.
الرخص في السفر أربع: قصر الرباعية، والجمع بين الصلاتين العشاءين أو الظهرين، والفطر في السفر في رمضان، والزيادة في المسح، لماذا هذه الرخص؟ لأن السفر فيه مشقة، ولأجل ذلك لما أباح الله تعالى الفطر ذكر العلة في قوله تعالى: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ذكر أن السبب هو اليسر، يعني التيسير عليكم، لما في السفر من المشقة.
فأقول: إذا لم يكن عليك مشقة فلا تحرم نفسك من هذه النوافل سيما إذا كنت نازلًا، فالنازل يعني الذي نزل في بلد وهو ليس من أهلها؛ ولكنه أبيح له القصر؛ فلا يحرم نفسه أن يتنفل بما يتيسر من الرواتب القبلية أو البعدية، وهكذا أيضًا لا يحرم نفسه من الصلاة مع الجماعة، وإذا صلى مع الجماعة فإنه يتم بصلاتهم ويحصل على فضل الجماعة، فإن صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة، فلا يحرم نفسه هذا الأجر، أما إذا كان عليه مشقة فالمشقة تجلب التيسير.
س: أثابكم الله. ذكرتم فضيلة الشيخ بأن المسافر خاصة إذا كان قد أقام أنه يصلي صلاة الجماعة، هل يعني ذلك أن صلاة الجماعة في حقه واجبة؟
ذهب بعض العلماء إلى أن صلاة الجماعة شرط، ورجح ذلك شيخ الإسلام، ومعناه أنه لا تصح صلاة المنفرد وهو يقدر على الجماعة وذهب آخرون إلى أنها واجبة، والواجب هو الذي يعاقب من تركه.
وعلى هذا فالمسافر إذا كان وحده فلا تسقط عنه صلاة الجماعة؛ إذا كان يسمع النداء؛ وإذا كان قريبًا من المسجد، وأما إذا كانوا جماعة - المسافرون جماعة - وصلوا جميعًا كفاهم ذلك، وإن كان الأفضل الصلاة في المسجد مع عدم المشقة لتحسب لهم خطواتهم، وليحسب لهم انتظارهم، فإن المصلي في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، وإن خطواته تكتب له ذهابًا وإيابًا.
س: أثابكم الله. ما المترجح لدى فضيلتكم فيما يتعلق بمن سافر ونوى الإقامة أكثر من أربعة أيام ؟
المفتى به أنه يتم، ثم يترجح لنا أنه إذا استقر في البلد سكن مثلًا في فندق، أو سكن في شقة، أو سكن في دار، أو سكن عند قريب له أنه يتم ولو لم يقم إلا يومًا أو يومين، وذلك لأنه لا يعتبر مسافرًا، لما ذكرنا من قوله صلى الله عليه وسلم: السفر قطعة من العذاب فإنا نرى أنه لا مشقة عليه، هو يتمتع بما يتمتع به المقيمون، فعنده الأنوار، وعنده الكهرباء، وعنده التكييف، وعنده الفرش، وعنده السرر، وعنده الخدمة الكاملة، فلا مشقة عليه، فيختار أنه يتم ولو لم يقم إلا أقل من أربعة أيام.
وأما إذا كان على أهبة السفر؛ يعني ليس نازلًا وإنما هو كالمسافر لم يستقر إما متاعه في سيارته؛ يأكل في سيارته مثلًا وينام فيها؛ أو يتنقل؛ أو ساكنًا خارج البلد في خيمة مثلًا؛ أو تحت شجرة؛ أو ما أشبه ذلك؛ فإن له حكم المسافر؛ ولو أقام أكثر من أربعة وأكثر من عشرة، لما ذكرنا من أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام في تبوك عشرين يومًا يقصر، وكانت تبوك في ذلك الوقت صحراء برية، كانوا يستظلون بالشجر أو يستظلون بالحجب، أو يبنون لهم قبابًا صغيرة أو أروقة يستظلون بها، فبقاؤهم لأنهم على أهبة السفر فقصروا ومع طول المدة، هذا هو الذي يظهر لنا، ولكل اجتهاده.
س: جزاكم الله خيرا. إذن نفهم من فضيلتكم أن العلة في الرخص هي المشقة وليست السفر؟
بهكذا قال بعض العلماء، إن كان هناك من يقول العلة هو السفر الذي تقصر فيه الصلاة، وبكل حال إذا ترخص أحد وأخذ بما ورد من الرخص فله رأيه وله اجتهاده.
س: أثابكم الله. سائل يسأل يقول: إنه وقع حادث وتسبب في وفاة، فيسأل عن كيفية صيام الشهرين المتتابعين؟
شهرين هلالين ولو كانا ناقصين أو أحدهما ناقصًا، إذا ابتدأ من الهلال إلى الهلال كفاه شهران هلاليان، أما إذا ابتدأ من وسط الشهر فالاحتياط له أن يصوم ستين يومًا متواصلة.
وإذا كان الذي عليه الصيام امرأة وأفطرت للحيض فإنها تحتسب أيام حيضها وتصومها من الشهر الثالث، وكذلك إذا أفطر لمرض أو لسفر فله رخصة في أن يفطر ويقضيه من الشهر الثالث.
س: يعني لا يلزم أن يبدأ من أول الشهر؟
ما يلزمه، إذا ابتدأ من وسط الشهر حسب ستين يوما.
س: يكثر السفر بواسطة الطائرة، فكيف يؤدي الصلاةَ المسافرُ وهو في ظهر الطائرة؟ هل يجوز له أن يصلي وهو جالس؟
إذا كانت الصلاة تؤخر كالظهر فإنه يؤخرها إلى العصر، ولو إلى آخر وقت العصر، إذا دخل عليه وقت الظهر وهو على متن الطائرة وعرف أنه ينزل قبل الليل أخر الصلاتين حتى ينزل ويصليهما بعد نزوله، وأما إذا استمرت الطائرة قبل دخول وقت الظهر فعرف أنها لا تنزل إلا بعد غروب الشمس؛ ففي هذه الحال يصلي الظهرين إن استطاع أن يصليهما قائمًا بين الكراسي، وإن لم يستطع صلاهما على كرسيه وهو جالس، فاتقوا الله ما استطعتم.
س: أثابكم الله. عود إلى هذا الموضوع، فضيلة الشيخ: نلاحظ أن بعض المسافرين في المطار يصلون قصرًا وجمعًا قبل أن تقلع الطائرة رغم أن المطار قد يكون داخل البلد، فما رأي فضيلتكم في ذلك؟
أرى أنه لا يجوز، إذا عرفوا بأنهم سيصلون إلى البلد الأخرى قبل دخول الوقت الثاني فيؤخرونها، فإذا عرفوا أنهم إذا ركبوا وقت الظهر وصلوا إلى البلد الأخرى قبل العصر فلا يجوز لهم تقديم العصر.
ومثل ذلك أيضًا المسافر في السيارة، فإذا سافرت مثلًا من المدينة إلى تبوك في سيارة ودخل عليك وقت الظهر وأنت في الطريق أردت أن تصلي فلا تقدم العصر إذا عرفت أنك تصل إلى تبوك قبل وقت العصر، لك أن تصلي الظهر وحدها قصرًا وتؤخر العصر حتى تصل وتصليها تمامًا.
س: هذه سائلة تقول: أنها ذهبت لأداء العمرة ونزلت عليها العادة الشهرية ولم تطف البيت، فماذا يجب عليها؟
يلزمها إتمام العمرة، لأن من دخل في النسك لزمه الإتمام لقوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ أخذ العلماء من هذا أنه يلزم الإتمام؛ إلا إذا كانت قد اشترطت، إن كانت عند الإحرام قالت: فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني؛ وأرادت بذلك من الحابس العذر الذي هو الحيض؛ فإنها إذا حاضت عرفت أن رفقتها لا يتأخرون بل يرجعون قبل أن تطهر؛ فلها والحال هذه أن تتحلل بغير فدية.
وأما إذا لم تشترط وحاضت قبل أن تتم العمرة؛ فإنها تبقى على إحرامها، وإذا رجعت بقيت على إحرامها، وإذا طهرت لم تحل لزوجها حتى يرجع بها أحد محارمها لإتمام عمرتها.
س: هذا سائل أيضًا قريب من السؤال الأول يقول: إنه ذهب لأداء العمرة في رمضان، والذي حصل أنه لم يسع ولم يستطع أن يكمل، فماذا يترتب عليه؟
اختلف العلماء في السعي، فروي عن الإمام أحمد أنه ركن لا تتم العمرة ولا الحج إلا به، وروي عنه رواية أخرى أنه واجب، يعني أنه من جملة الواجبات، وإذا كان واجبًا فإنه يجبر بدم.
ففي هذه الحال نتساهل معه ونجعل عليه فدية، أى دم جبران، فنقول عملًا بالرواية الثانية أن السعي من الواجبات، عليه دم جبران يذبح بمكة لمساكين الحرم، ويكون تحلله جهلًا منه؛ حيث تحلل قبل أن يتم عمرته.
س: يقول: ورد في كتاب الكبائر للإمام الذهبي الكبيرة الثانية وهي ترك الصلاة، وأورد حديثًا بأنه يعاقب بخمسة عشر عقوبة، فما تعليق فضيلتكم على ما ورد في ذلك؟
هذا الحديث غير صحيح، بل حقق العلماء أنه مكذوب موضوع، ولكنهم يذكرونه في باب الزواجر؛ لما فيه من الزجر عن المعصية التي منها ترك الصلاة، فيتساهلون في روايات أحاديث الترغيب والترهيب، وإلا فإنه لم يصح، ومن رواه فلا يرويه بالجزم، لا يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم، بل يقول: رُوي أو حُكي، أو يقول: ذُكر في بعض الكتب أو ما أشبه ذلك.
س: أثابكم الله. هذا سائل يسأل عن كيفية علاج الوسواس الذي يرد على كثير من المصلين مما يفسد عليه صلاته وعبادته فما رأي فضيلتكم في ذلك، وما هو العلاج؟
يستعيذ بالله من الشيطان، يعرف أن هذه الوسوسة من الشيطان حتى يثقل عليه عبادته، فتارة يوسوس له في الطهارة، يخيل إليه أنه انتقض وضوءه، أو يخيل إليه أنه ما بلغ الأعضاء، أو يخيل إليه أنه لم يوالي غسل الأعضاء، أو أنه يبس وجهه قبل أن يغسل قدميه فيعيد وجهه ثم يكرر ذلك، وهكذا أيضًا يخيل إليه أنه أخطأ في قراءة الفاتحة، أو أنه ترك منها آية أو كلمة فيعيدها مرة ثم يعيدها مرارًا، وهكذا أيضًا يخيل إليه أنه ما أتى بالذكر، ما أتى بتسبيح الركوع أو بتسبيح السجود فيعيده ويكرره، أو يعيد ركعة، أو يصلي الصلاة مرتين أو ثلاث مرات، أو يخيل إليه أنه ما أتى بالنية؛ فتراه يقطع الصلاة ثم يجدد النية في نظره، أو يخيل إليه أنه أخطأ في التكبيرة؛ أنه ما أتى بها كما ينبغي؛ فيعيد التكبيرة مرة أو مرارًا، ثم إذا سألته خارج الصلاة وجدت قراءته مستقيمة، ووجدت كلامه فصيحًا، وجدته يفصح بالتكبير، وجدته لا يخطئ في قراءة الفاتحة، وإنما تأتيه هذه الأوهام في داخل الصلاة، لماذا؟ الشيطان يريد أن يثقل عليه هذه العبادة، فتراه إذا أقبل الوضوء كأنه يحمل جبلًا، وإذا أقبلت الصلاة كأنه يحمل همًا كبيرًا، فيلقى مشقة وصعوبة من كل صلاة؛ بحيث إنه قد يبقى في الوضوء ساعة أو نصف ساعة.
نقول لك: عليك أن تستعيذ من الشيطان، وأن تعرف أن هذه من حيله يثقل عليك العبادة، وعليك أن تجزم بصحة قراءتك، ولا تلتفت إلى هذه التوهمات، وإذا جاءك الشيطان وقال لك:إنك انتقض وضوءك أعد صلاتك فإنك لا تلتفت إلى ذلك.
قد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا يعني لا يلتفت إلى هذه التوهمات.
ذكر الحافظ في أول بلوغ المرام الحديث الذي فيه أنه صلى الله عليه وسلم قال: يأتي الشيطان أحدكم فينفخ في دبره فيخيل إليه أنه أحدث فإذا وجد ذلك فلا ينصرف أو إذا وجد ذلك قال الشيطان إنك أحدثت، فقل: كذبت، يعني يقول ذلك في نفسه، الشيطان يثقل الصلاة على الإنسان حتى يملها ويكرهها.
فننصحك بأن لا تتمادى مع هذه الوساوس، والدليل على أنها وساوس أنه لا يحس بها في خارج الصلاة، كثير منهم يقول: إذا دخلت في الصلاة أحس بالقراقر، وأحس بأنه يخرج مني ريح، فنقول له: هل تحس بذلك خارج الصلاة؟ فيقول: لا، فنقول: هذا دليل على أنها أوهام ووساوس.
س: هذا سائل كتب سؤالًا طويلًا في مشكلة خاصة في بيته، لكن قد يكون من باب الفائدة أن يعلق فضيلتكم على ما يواجه هذا الشاب من مشكلة أمام أسرته، هو يقول: إنه قد استقام على دين الله،- ونسأل الله له الثبات- ولكن مشكلته أنه يجد حرجًا من أهله وخاصة والدته، ويقول بأنها لا تقبل النصيحة وتستمع إلى الأغاني، بل لا تصلي، وهذا أعظم، فما هو موقفه معها؟ وهل يجوز له أن يرفع صوته عليها؟ هذا سؤاله الأول.
لا شك أن هذا فعل سيئ؛ يعني سماع الأغاني والعكوف على الملاهي، كذلك ترك الصلاة أو تأخيرها عن وقتها، ففي هذه الحال لا يستحيي أن يصرح لها بالأمر وبالنصيحة، ويكرر ذلك ولو كان في ذلك شدة، ولو كان في ذلك رفع صوت، لما في ذلك من النصيحة، ولما فيه من المحبة، محبته لوالدته الخير والصلاح والاستقامة.
وإذا أدى ذلك إلى عدم التقبل، واستمرت على ترك الصلاة والعياذ بالله، وعلى العكوف على الملاهي، فله والحال هذه أن يهجرها، وأن يشدد في القول عليها، وقد ذكر الله تعالى عدم الموالاة لأهل الكفر ولو كانوا أقارب في قوله تعالى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ .
فعلى كل حال يبدأ بالنصيحة ويكررها، ويكون هذا أيضًا عامًا لكل قريب لك تجد منه شيئًا من الجفوة أو شيئًا من المعاصي والعكوف عليها أن تنصحه وتكرر عليه النصح، وإذا لم يستقم فلا تتخذه وليًا ولا تحبه أظهر له البغض والمقت إلى أن يتوب.
س: كيف نجمع بين ذلك وبين قوله تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ؟
هذه الصحبة هاهنا يظهر أنها من حيث الاعتراف بفضلها وإيصال شيء من المنفعة إليها، ولعل ذلك يكون جاذبًا لها، قد ثبت في الصحيح عن أسماء بنت أبي بكر قالت: قدمت عليَّ أمي وهي مشركة، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أصلها، فقال: نعم صليها فكانت صلتها لها سببا في هدايتها.
فلعل قوله: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا يعني صحبة عادية، ليس فيها إقرار لهما على الكفر، ولا مدح لهما ولا موالاة لهما، ولا محبة ولا شيء من التمدح، بل من باب المجاملة لعل الله يهديهما.
س: كثر السؤال عن النقاب للمرأة في هذا الوقت فهل يجوز للمرأة أن تنتقب؟
كان النقاب قديمًا لباس يستر الوجه كله، إلا أن فيه فتحات مقابل العينين، الفتحة بقدر الحدقة بقدر سواد العين، بقدر رأس الإصبع، فهذا جائز في غير الإحرام لغير المحرمة؛ لأن فيه ستر الوجه، وفيه تمكينها من أن تنظر، وكان ذلك الساتر صفيقًا لا يمكن أن يرى الوجه من ورائه لكون غطاء صفيقًا.
أما في هذه الأزمنة فظهر ما يسمى بالنقاب، وهو في الحقيقة ليس بساتر؛ وذلك لأن فتحاته واسعة بحيث أنها تظهر الحاجبان ويظهر الأنف أو أكثره، وقد تظهر الوجنة قد تظهر محاجر العين كلها فيكون لافتًا للنظر.
فلأجل ذلك أفتى مشايخنا بأنه لا يجوز والحالة هذه، إلا إذا لبست فوقه سترًا يعني خمارًا أو جلبابًا يكون ساترًا له كله حتى لا تمتد إليها الأعين.
س: أيضًا امتداد لهذا السؤال فضيلة الشيخ: يكثر التساؤل عن حكم لبس العباءة على الكتف ؟
الأصل أن المرأة إذا لبست العباءة جعلتها فوق رأسها وطولت أصلها إلى أن يصل إلى الأرض، وكذلك أيضًا إذا لبست جلبابًا أو رداءً أو قميصًا، فقد كان نساء الصحابة رضي الله عنهن يحرصن على التستر، سألن النبي صلى الله عليه وسلم عن ذيولهن؛ يعني ما ترخيه المرأة من ثوبها؛ فقال صلى الله عليه وسلم: يرخين شبرًا يعني على الأرض، فقيل: إذًا تبدو أقدامهن، يعني يمكن إذا مشت أن يتقلص هذا الشبر ويبدو قدمها، فقال: يرخين ذراعًا ولا يزدن على ذلك لا شك أن هذا من الحرص على أن لا يبدو من المرأة ولو ظفر أو أصبع من قدميها.
وهكذا أيضًا تلبس الجلباب أو العباءة على رأسها لا على كتفيها، فإن وضعها على الكتف من ميزة ومن خصائص الرجال، الرجالُ يلبسون المشالح فيجعلونها على الأكتاف وتبدو الرءوس والأعناق، والمرأة ليست كذلك، بل لا تتشبه بالرجال في ذلك، إذا لبست العباءة جعلتها على رأسها وأطالتها إلى أن تستر قدميها.
س: كذلك يأتي التساؤل كثيرًا حيال لبس البنطلون خاصة أمام الزوج ؟
لا شك أن هذا البنطلون لباس جديد، ما تكلم فيه العلماء قديمًا، ولكن نقول: إن اعتياد المرأة على لبسه ولو كانت صغيرة فيه شيء من الجرأة على ما يشبه التعري، لأنه يبين حجم الأعضاء، يبين حجم أعضائها، فيتبين فخذاها وركبتاها وساقاها وأليتاها وبطنها كأنها شبه عارية، فلا يجوز ذلك إلا أمام الزوج فقط.
فلا يجوز أمام النساء؛ لما في ذلك من تجرأهن واقتدائهن بها، ولا يجوز أيضًا أمام المحارم ولو أبًا أو ابنًا أو أخًا؛ لما في ذلك من إثارة الشهوة أو من تمثلها كأنها عارية، أما الزوج خاصة فله أن يرى جميع بدن زوجته، فإذا كانت خالية مع زوجها جاز لها أن تلبس ما تشاء.
س: درج كثير من مدرسين وغيرهم ومن المدرسات على جعل جمعية كل شهر تدفع لكل واحد بالترتيب، فما رأي فضيلتكم في ذلك؟
لا بأس في ذلك، قد صدرت فيها فتوى من هيئة كبار العلماء، خالف فيها اثنان ولم يعتبروا مخالفتهم، وأفتوا بالأكثرية على رأسهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، وكذلك الكثير من أعضاء هيئة كبار العلماء.
وليس فيها محذور فإن فيها مصلحة هم إذا جمعوها مثلًا وكانت ثلاثين ألفًا أو أربعين ألفًا نظروا من هو أحق ومن هو بحاجة لو لم يأخذها لاستدان فأعطوها له في هذا الشهر، ثم جمعوها وهو معهم في الشهر الثاني ونظروا من هو أشد حاجة أيضًا ودفعوها إليه، وهكذا في الشهر الثالث والرابع إلى أن تدور عليهم على حسب عددهم، وليس هو قرض جر منفعة، وإنما هو قرض فيه منفعة للمستقرض لا للمقرض، فلا حرج في ذلك إن شاء الله.
س: أثابكم الله. استجد في هذا العصر وسيلة الاتصال أو ما يسمى بالإنترنت، فما حكم اقتنائه والاستفادة بما فيه من الصالح؟
لا بأس في ذلك، وذلك لأنه قد استعمل في بث الشرور، وفي بث الغناء، وفي بث الكلمات السيئة، واستعمله كثير من الكفار في الدعوة إلى الأديان الباطلة، فالنصارى يستعملونه في الدعوة إلى دينهم، واليهود كذلك، والبوذيون كذلك، والشيوعيون كذلك، فإذا ترك لهم استغلوه فيما يضر الإسلام.
فلذلك نقول: إن من استعمله لبث العلم أو بث محاسن الإسلام فإنه يثاب إن شاء الله، وذلك لأن فيه مكافحة لهذه الشرور، ولأن فيه نشر لتعاليم الإسلام ولمحاسنه، ونشر للعلم وللمسائل الفقهية والعلمية، يتصل بهم من بعيد ومن قريب ويلقون أسئلة ويبثها ويجيب عليها ويسمعها القاصي والداني ويستفيد منها؛ فيكون فيها منفعة كبيرة، فلا حرج في ذلك، بل هو مستحب لمن قدر عليه.
س: أثابكم الله. المرأة التي تحضر إلى المسجد وتقام الصلاة ولا تصلي مع الجماعة لكي تمسك طفلها وحتى لا يزعج المصلين، فهل عليها إثم في ذلك؟
كان الأولى أن لا تأتي بالأطفال؛ لأنهم قد يشغلونها وقد يشوشون، ولكن قد تحتاج إلى إحضار الأطفال، وكان أيضًا واردًا في العهد النبوي، فثبت أنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إني لأدخل الصلاة أريد أن أطيلها، فأسمع بكاء الصبي فأخفف مخافة أن أشق على أمه فيدل على أن هناك من تأتي بصبي معها.
وبكل حال الأولى لها أنها تصلي ولو بكى ذلك الطفل، ولكن إذا خشيت أنه يؤذي وأنه يشوش ولم تصل حتى رجعت إلى بيتها أو لم تصل حتى صلت بنتها أو أختها ومسكت ذلك الطفل؛ فلها عذر في ذلك.
س: يسأل يقول: حمل الطفل في الصلاة ؟
إذا كان متطهرًا مطهرًا جاز ذلك، قد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم حمل بنت بنته، حمل أمامة بنت بنته زينب من أبي العاص فكان إذا قام حملها، وإذا ركع وضعها، وذلك شفقة منه على هذه الطفلة، فإذا كان الطفل مطهرا يعني نظيف البدن ونظيف الثياب فلا مانع من حمله.
س: يأتي بعض الإخوان قبل صلاة المغرب بحوالي عشر دقائق فيقفون في المسجد ينتظرون الأذان ولا يجلسون، فما تعليق فضيلتكم حيال ذلك؟
ذلك لأنه وقت نهي، يعني قرب غروب الشمس الوقت الشديد، لأنهم جعلوا وقت النهي بعد العصر ينقسم إلى قسمين: موسع ومضيق، فالموسع: بعد العصر إلى أن تتضيف الشمس للغروب، والمضيق: بعدما تتضيف أي قبل عشر دقائق، أو نحوها إلى أن يتم الغروب، فهذا المضيق هو الذي لا تدفن فيه الجنازة، فلا تصلى فيه النافلة، يعني يؤكد منع الصلاة فيه مخافة أن يكون مشابهًا للمشركين الذين يصلون عند غروب الشمس ويسجدون للشمس.
فلهم رخصة في أن يجلسوا إذا كان يشق عليهم القيام والانتظار، ولهم رخصة في أن يصلوا على فتوى من أفتى بأنها من ذوات الأسباب يعني هذه النافلة، وأكثر فقهائنا على أنها لا تصلى في هذا الوقت الضيق، وإنا نقول إن وقفوا وانتظروا الأذان فلهم ذلك، وإن صلوا على فتوى من أفتاهم فلهم ذلك، وإن جلسوا إذا شق عليهم وأخروا الصلاة إلى ما بعد الأذان فهو الأولى.
س: أثابكم الله. هذا يقول: أنا أختم القرآن بالطريقة التالية: أضع الشريط المسجل، ثم أحرص في القراءة وأتتبع مع المقرئ حتى أختم القرآن، هل يكتب لي الأجر والثواب أو لا بد من التلاوة من المصحف وأحرك لساني بذلك؟
له ذلك، هذا كأنه يقول إنني قد لا أفصح بالقراءة إذا قرأت في المصحف، فقد يقع مني أخطاء وتغيير لبعض الكلمات؛ فأنا آخذ المصحف وأتابع الشريط كلمةً كلمة، ففي هذه الحال يكتب لك أجر إذا قرأت، يعني تعرضها ثم تقرأها في المصحف وتسمعها من الشريط وتنطق بها نطقًا كما تسمع من الشريط، ففي هذه الحال يكتب لك أجر القارئ في المصحف قراءة كاملة والأجر كامل إن شاء الله، ثم إذا كنت تحسن القراءة ولا خطأ عليك؛ تعرف الكلمات وتنطق بها فلا حاجة إلى أن تتابع الأشرطة، لكن قد يتابعها بعضهم يقصد بذلك تقليد هؤلاء القراء.
س: ... بالنسبة للأرحام والإخوان
يعني يكون لك رخصة، لا تجد رخصة مثلًا إلا كل سنة شهرًا، كما هو العادة في الإجازة، الإجازة العامة للموظف، فلك رخصة إذا لم يرخص لك رئيسك، أو يشق عليك التنقل إذا كانوا بعيدًا يكلفك أن تذهب كل شهر أو كل شهرين يكلفك الذهاب والإياب؛ فلك رخصة في ذلك إذا سمح لك الأبوان، ولا شك أن مواصلتهما بالاتصال الهاتفي أو بالمكاتبة تخفف ذلك، ليطمئنوا على صحتك ويسمعوا صوتك ويقرأوا كتابتك فيكونوا بذلك كأنهم رأوك، وكذلك أيضًا تصلهم بإرسال هدايا أو نفقة أو نحو ذلك.
س: تقول السائلة: أرضعت طفلًا مع أحد أولادي وهو صغير عند نزوله من أمه وكانت مرضانة، وكيفية الرضاعة هي أنني أحلب في فمه وأحلب كذلك فنجان القهوة وأضعه في فمه حتى يتم سكوته، والوقت من قبل الظهر حتى المغرب، الجواب أرجو إفادتي هل أصبحت أمه من الرضاعة؟
إذا كان تم ذلك خمس رضعات فلا مانع أن تكون أمه، يعني من الظهر إلى المغرب العادة أنه يحتاج إلى إرضاع عدة مرات، ولو كانت بواسطة أن تحلب في فمه، أو أن تسقيه من إناء ولو صغير ككأس أو فنجان أو نحو ذلك، أرى في هذه الحال أنها أصبحت أما له من الرضاعة.
س: أثابكم الله. يقول: سمعنا قبل فترة أن فضيلتكم قد حلل التصوير، هل هذه الفتوى صحيحة؟
ليست صحيحة على الإطلاق، إنما إذا كان هناك ضرورة؛ إذا احتاج إلى صورة لشهادة أو صورة لبطاقة أحوال أو صورة لجواز أو حفيظة نفوس في هذه الحال له رخصة أن يصور بقدر الحاجة، فأما تصوير مطلق بدون حاجة فلا أقول بالجواز.
س: يكثر التساؤل حيال بعض النساء اللائي يبلغن سن الحيض ثم يمنعهن الخجل أو الحياء من إخبار أهلها، وتترك القضاء سنة وسنتين، فماذا يجب على مثل ذلك؟
هذا من الخطأ، المرأة إذا بلغت بالحيض ولو كانت بنت تسع سنين أو عشر فلا يجوز لها ترك العبادة، ولا يجوز لها الفطر في رمضان، بل يجب عليها أن تفعل العبادات الواجبة، فتؤدي الصلوات وتتطهر وتصوم رمضان يعني صيامًا كاملًا، ويجب أيضًا على أمها أن تتأكد، تعلم بناتها إذا قربن من العاشرة أن من حاضت منهن فقد بلغت ووجب عليها ما يجب على النساء، ولو كانت بنت عشر أو إحدى عشرة.
ثم كما ذكر فضيلة الشيخ أن هذا يقع كثيرًا من البنات ويكتمن ذلك حياءً، فنقول إذا أفطرت شهرين، يعني الشهر الذي في السنة العاشرة والشهر الذي في السنة الحادية عشر، أو لم يلزمها أهلها بالصيام وقالوا إنها طفلة لا تزال صغيرة، أو لا تطيق أو ما أشبه ذلك؛ فالجواب أن عليها القضاء، وعليها مع القضاء إطعام مسكين إذا مضى على ذلك أكثر من سنة، إطعام مسكين عن كل يوم، فلا يجوز التساهل في مثل هذا.
س: أثابكم الله. إذا اجتمع في هذه الفتاة أمران ترك القضاء مع ترك الصلاة، فهل يجب عليها القضاء والحالة هذه؟
بالنسبة لقضاء الصيام يجب عليها لأنه لا يتكرر، وكذلك الكفارة.
س: لا ما قصدت ذلك يا شيخ، يعني إذا كانت تترك الصلاة كليةً، لا تصلي؟
بالنسبة لترك الصلاة أرى أنه لا يقضى، يعني هذا الذي رجحه العلماء كابن القيم في كتاب الصلاة وغيره، قالوا: إن من ترك الصلاة متعمدًا ترك ذلك شهرًا أو أشهرًا أو سنوات أو ما أشبه ذلك ثم تاب وندم وأقلع ورجع، فهل نشترط لصحة توبته أن يقضي صلاة خمس سنين أو عشر سنين؟ في ذلك مشقة، وفي ذلك تنفير له عن التوبة، لكن لا تقبل توبتك حتى تقضي صلاة عشر سنين أو عشرين سنة التي مضى من عمرك، أو هذه المرأة يقال لها: يلزمك أن تقضي صلاة سنة أو سنتين في ذلك كلفة ومشقة.
فالصيام تقضيه وتكفر، وأما الصلاة فلا يلزمها القضاء، وذلك للمشقة ولعذر الجهل والاعتذار بالصغر وما أشبه ذلك، ولأن كثيرا من العلماء قالوا: إن من ترك الصلاة وأصر عليها اعتبر كافرًا، والكافر إذا تاب لا يؤمر بقضاء الأعمال التي تركها.
س: إذا ما تقضي الصيام إذا كانت لا تصلي.
الصحيح أنها تقضي، وكذلك تارك الصلاة إذا ترك الصيام، وأما الصلاة فإنها تكثر من النوافل.
س: كيف تقولون يا شيخ إنه
نقول: إنها في هذا يظهر لنا أن الصيام لا يتكرر وأنه يقضى، وأما الصلاة فإنها تتكرر فلا تقضى، فإنسان مثلًا رجل أو امرأة مضى عليه سنة سنتين وهو لا يصلي ولا يصوم ثم تاب فأكثرهم على أنه لا يقضي الصلاة وأنه يقضي الصيام، وذلك لأن قضاء الصيام ليس فيه مشقة، وأما الصلاة ففيها مشقة، فيقال: أكثر من التطوعات، أكثر من النوافل ليجبر ذلك ما حصل لك من الخلل.
س: لكن ألا ترون أنه قد ارتد بتركه الصلاة؟
هذا أحد الأقوال، يعني أنا نعتبره في تلك المدة مرتدًا وكافرًا، والكافر إذا أسلم والمرتد إذا رجع لا يقضي شيئًا من الأعمال، ولكن كأنهم قالوا: إن الصيام أخف فليس عليه مشقة في قضائه، ويعتبر هذا من باب الحرص على كثرة الأعمال.
س: يسأل سائل أيضا عن التأمين التعاوني وما رأي فضيلتكم في ذلك؟
صورة التأمين التعاوني أن تجتمع الأسرة قبيلة عددهم مائة أو مائتان ويجمعون من أفرادهم كل واحد ألف أو نحوها ثم يجمعون هذا، يسمونه صندوقًا أو جمعية ويجعلونها في مصالحهم، مصالح هؤلاء الذين سجلوا والذين دفعوا، هذا الدفع خاصا بهذه الأسرة أو بهذه القرية، الذين جمعوا هذا الصندوق، فيسمى هذا تأمينًا تعاونيًا، كأنهم يتعاونون يقولون: من حصل عليه حادث دفعنا عنه من هذا الصندوق، ومن حصل عليه سجن سُجِن في دين خلصناه من هذا الصندوق، ومن افتقر فقرًا شديدًا واحتاج إلى زواج وهو عاجز زوجناه من هذا الصندوق، فهذا هو التأمين التعاوني.
وهو من محاسن الأعمال؛ حيث إنهم يساعد بعضهم بعضًا أسرة أو قبيلة أو أهل قرية جمعوا هذا الجمع فهذا لا بأس به، وهو الذي صدرت فيه فتاوى اللجنة وفتاوى الهيئة أنه جائز.
ثم إن شركات التأمين التجاري أخذت هذه الفتوى وكبروها وألصقوها عند أبوابهم وجعلوها دعاية إلى تأمينهم الذي هو تأمين تجاري، فانتبه لذلك العلماء ومنهم شيخنا الشيخ ابن باز رحمه الله فأصدر فتوى ثانية نشرت في مجلة الدعوة وفي غيرها بين فيها أن هذا خطأ، احتجاجهم بتلك الفتوى على التأمين التجاري خطأ لا يوافقون عليه.
التأمين التجاري شركة تنشئ لها عملًا ثم تدعو هذا ليؤمن على سيارته كل شهر يدفع مائة مثلًا أو مائتين، وهذا يؤمن على تجارته، وهذا يؤمن على نفسه، وهذا يؤمن على أولاده، وهذا يؤمن على سكنه، تأخذ منهم أموالا شهريا وتقول: إذا حصل عليك حادث تحملنا، وإذا لم يحصل عليك حادث فلا نرد عليك شيئًا، ما أخذناه فهو لنا.
فربما يدفع الإنسان مائة ألف على نفسه وعلى أولاده وعلى تجارته وعلى سياراته ومع ذلك لا يحتاج إليهم ولا يردون عليه شيئا من هذه المائة أو من المبالغ التي يأخذونها، وربما يكون هذا التأمين سببًا في كثرة الحوادث؛ فإن كثيرًا من الذين يؤمنون على سياراتهم يركبون الأخطار ويتهورون ويسرعون، وإذا قيل لأحدهم ترفق يقول: الشركة قوية، أنا قد أمنت على نفسي، أنا قد أمنت على سيارتي، فيركب الأخطار ويسبب حوادث ويتلف أموالًا ويزهق نفوسًا بسبب أنه قد أمن، فهذه مفسدة من هذه المفاسد.
س: أثابكم الله. يقول: ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يتوضأ بعد الجماع ثم ينام قبل أن يغتسل، فكيف نجمع بين ذلك وبين ذكر الأذكار، ويقصد أذكار النوم؟
لا مانع من أن يذكر الله تعالى وهو على حدث أكبر تقول عائشة -رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه، لا يمنعه من ذكر الله حدث أكبر ولا حدث أصغر، بل يقرأ آية الكرسي مثلًا وهو جنب؛ لأنها أذكار، ويسبح ويكبر ويحمد ثلاثًا وثلاثين لأنها أذكار، ولو كان جنبًا، وكذلك أيضًا يهلل الله ويدعوه ولو كان جنبًا، فإن الجنابة لا تمنع إلا من الصلاة، أو تمنع من مس المصحف، أو من قراءة القرآن.
س: هذه سائلة تسأل وتقول: ما حكم دفع الزكاة للحلي الملبوس ؟ وما هو الرأي الراجح لدى فضيلتكم؟
يعني: هل يزكى الحلي أو لا يزكى؟ الحلي ما تلبسه النساء مما تتجمل به وتتحلى به من ذهب أو فضة، سواء ما يلبس في الذراع الذي هو الأسورة ويسمى الآن بالغوايش أو المناجر، أو يلبس في العنق ما يسمى بالقلائد أو الرشارش، أو يلبس في الأصابع كالخواتيم، ففي ذلك خلاف بين المشائخ وبين العلماء قديمًا وحديثًا.
ولكن الفتوى الآن على أنه يزكى ولو كان ملبوسًا، ويتأكد زكاته إذا كان لا يلبس إلا قليلًا في المناسبات، وخصوصًا إذا كان كثيرًا، إذا كان عند المرأة ما يقوم خمسين ألفًا أو مائة ألف لا تلبسه إلا في المناسبات فيتأكد أنها في كل سنة تقومه وتزكيه إذا بلغ النصاب، مقدار النصاب أحد عشر جنيها ونصف جنيه، فإذا بلغ ذلك فإنه تزكى قيمته، هذا هو الذي يترجح لنا.
س: أثابكم الله. تقول هذه السائلة: حملت فلما وصلت في الشهر التاسع وبعد الكشف اتضح أن الجنين توفي في بطني فأخرجوه في المستشفى، وبعد الكشف عليه وجد أن هناك ضربة في رأس الجنين، وربما هي السبب في الوفاة، علمًا أنني كنت محافظة عليه في بطني ولم يحدث لي شيء خلال فترة الحمل، فهل علي شيء في ذلك أثابكم الله؟
لا شيء عليها، يمكن أن هذا إصابة خفية، أو في نومها مثلًا انقلبت عليه أو نحو ذلك، وهي غير متعمدة؛ فلا شيء عليها إن شاء الله .
س: هناك آيات في القرآن تسمى آيات الشفاء فما هي تلك الآيات؟
مثل قوله تعالى: في سورة يونس: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وفي سورة الإسراء: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى وفي سورة النحل: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ وفي سورة فصلت: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى وفي سورة الشعراء: الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ هذه يظهر أنه يقصد هذه الآيات.
س: سائل يقول: صليت المغرب في جماعة قصرًا وأنا مسافر -هكذا يقول- وبعد الانتهاء من الصلاة جاءت جماعة أخرى وأقامت الصلاة فصليت معهم بنية العشاء، ثم سلمت بعد الركعة الثانية على أنني قصرت العشاء، فهل صلاتي صحيحة أم أعيدها جزاكم الله خيرًا؟
تعيدها؛ فإن المغرب لا تقصر، المغرب ثلاث ولا يجوز قصرها، فعليك أن تعيدها، وكذلك أرى أيضًا أن تعيد العشاء؛ لأنك صليتها خلف من يصلي المغرب، والمصلي يلزمه أن يتابع الإمام، من صلى مع المتمين لزمه الإتمام، فأجاز بعض المشائخ أن تصلي العشاء خلف من يصلي المغرب، ولكن لا بد من الإتمام، إذا سلموا بعد الثلاث تأتي برابعة لتتم صلاتك، هذا هو المختار.
س: أثابكم الله. فضيلة الشيخ: كثر في هذا الوقت وفي هذا العصر وفي هذه المنطقة وفي غيرها من المناطق من فرغوا أنفسهم للرقية، ثم جمعوا مع ذلك بعض المخالفات، فمثلًا الاختلاء بالنساء، ومثلًا إحداث بعض الصور للرقية كالرقية في المكبر، وغير ذلك من الصور، فما تعليق فضيلتكم حيال هؤلاء؟
الرقية جائزة إذا كانت بالقراءات الشرعية ونحوها ولم يكن فيها شرك، ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا وثبت أنه رَقَى ورُقِي، يعني كان يرقي بعض أصحابه، وكان يرقي نفسه، ولكن لا بد أن تكون الرقية بكلام الله تعالى، أو بالأدعية، أو بالأحاديث النبوية، أو بالأذكار أو ما أشبهها.
ثم لا يجوز أن يكون فيها شيء من المنكرات، فلا يجوز أن يرقي المرأة الأجنبية ويكشف شيئًا من جسدها فإنها عورة، بل إذا احتاج إلى ذلك فيرقيها وهي متسترة، وكذلك أيضًا لا تجوز الخلوة بها، لا يخلو بامرأة أجنبية بل لا بد أن يكون عندها محرم أو نحوه، فإنه ورد: ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما .
كذلك ما ذكر فضيلة الشيخ من هذه الرقية الجماعية نرى أنها قليلة التأثير، الذي يقرأ في المكبر وأمامه عشرون أو ثلاثون ويقرأ عليهم مرة واحدة بهذا المكبر، ولو رأى أن في ذلك شيئًا من المنفعة أو من التأثير، ولو قال: إنني لا أستطيع أن أقرأ على كل واحد بمفرده، فالجواب أنك لست مكلفًا بهؤلاء جميعًا، لا تأخذ إلا كل واحد بمفرده، أو كل واحدة ومعها محرمها بمفردها، تقرأ عليه وتنفث عليه نفثًا خاصًا، ثم بعدما تنتهي تبدأ فتقرأ على الثاني أو الثالث، القراءة المفيدة، فأما هذه القراءة الزائدة التي تقرأ على العشرين دفعة واحدة فأرى أنها قليلة الفائدة وقليلة التأثير.
كذلك أيضًا اشتهر أن كثيرًا منهم استغلاليون، بحيث إنه يأخذ الزجاجة التي فيها ماء تكلفه ريالًا أو نحوه ثم يبيعها بخمسة، ينفث فيها نفثات ثم يبيعها بخمسة أو بستة، وذكر أيضًا أن بعضهم يقرأ في قدر كبير أو في خزان ينفث فيه نفثات ثم يعبيه في ما يسمى بالجركنات، ويبيعه على أنه رقي فيه، وهذا أيضًا استغلال، فلا يجوز مثل هذا.
الراقي يقصد بذلك نفع المسلمين، وإذا أخذ مصلحة أخذ بقدر تعبه وبقدر تكلفته، ولا يكلف الناس.
س: أثابكم الله. ألا يتفضل فضيلتكم بكلمة توجيهية حيال المداومة على الأذكار وأيضًا أن يرقي الإنسان أولًا نفسه، وأيضًا نصيحة للنساء بالابتعاد عن الوساوس في هذا السبيل وفي هذا الطريق، وعدم التصديق بكثرة ما يقال: أنت مسحورة مثلًا، أو أنت مصابة بعين أو كذا، أو أنت مصابة بجان، لأن كثيرًا من النساء وكثيرًا من المرضى أيضًا يصابون بالوهم، ألا من كلمة من فضيلتكم حيال هؤلاء، نبدأ أولًا: بنصيحة فضيلتكم للعموم بأن يرقي الإنسان نفسه؟
نصيحتنا للعموم أن الإنسان يحرص على إصلاح نفسه، وعلى تربية أولاده، وعلى رعاية من تحت يده، فيقوم عليهم القيام التام الذي ينتج منه صلاحهم واستقامتهم بالحال وفي المستقبل، يستحضر أنه مسئول، يستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته وقول الله تعالى: قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ .
فأولًا: يصلح نفسه فيحافظ على العبادات ويحافظ على الصلوات، ويحافظ أيضًا على الأذكار التي قبل الصلوات والتي بعدها، وعلى الأوراد، أوراده يعني التي في الصباح وفي المساء، وتسمى الأذكار، أذكار الصباح والمساء؛ لتكون حرزًا له ولتكون حافظة له بإذن الله تعالى من العوارض ومن الأمراض والعاهات ومن حيل المحتالين، وما أشبه ذلك.
فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على مثل هذه الأذكار، وأكثر في الحث والترغيب على ذكر الصباح والمساء، من قال حين يصبح كذا، من قال حين يمسي كذا وكذا، ففيها بإذن الله حصن حصين تجدونها مذكورة في كتب الأذكار، أذكار الصباح والمساء أو الأدعية أو كذلك الأوراد، كورد المصفى المختار وما أشبهه.
ولا شك أيضًا أن تعود الإنسان الأذكار التي بعد الصلوات فيه خير كثير وفيه سهولة لها، كثير من الناس من حين يسلم وهو خارج، يخرجون من المسجد قبل أن يأتوا بمقدمات الأذكار؛ فيفوت عليهم خير كثير، فالنبي عليه السلام أرشد الصحابة بقوله: تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين وكان عند سلامه يبدأ بقوله: أستغفر الله ثلاثًا، وبقوله: اللهم أنت السلام إلى آخره، فنتواصى بأن نحافظ على هذه الأوراد، ونعلمها أولادنا، ونعلمها أهلينا حتى يحصنوا بذلك أنفسهم، ونقول: إن الإنسان غالبًا ما يصاب بهذه الأمراض إلا إذا فرط في هذه الأذكار.
ذكر بعض السلف أنه كان ملازما لأن يقول في كل ليلة: أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق، ومن شر شيطان وهامة، وعين لامة، وأنه استمر على ذلك طوال حياته، وفي ليلة من الليالي نسي أن يدعو بها فلدغته عقرب، فتذكر، وإذا السبب أنه لم يأت بهذه الدعوة، لأنه صلى الله عليه وسلم حث عليها: من نزل منزلًا فقال: أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق؛ لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك .
وكان كثير من الآباء يعوذون أبناءهم بذلك فيحفظهم الله تعالى من ذلك، وكان أيضًا كثير منهم يحافظون على الأوراد فيحفظهم الله من العين ومن السحر ومن الجان ومن الأضرار ومن شرور الناس، يحفظهم الله حيث إنهم دعوا الله تعالى بهذه الأوراد.
أما توهم كثير من الناس بهذه الإصابات؛ فذلك يظهر أنه من ضعف الإيمان، أو من كثرة التوهمات، فأحدهم إذا أحس بوجع عين قال: هذا إصابة نظرة، إذا أحس مثلًا بوجع ضرس قال: هذه عين فلان أو فلان، وهكذا أيضًا إذا أحس بوجع رأس قليل أو نحو ذلك اتهم نفسه أنه معين، أو أنه مصاب بسحر، أو ما أشبه ذلك، فلا يجوز كثرة الأوهام، يعني التمادي مع هذه التوهمات وما أشبهها.
فالمعتاد أن الذين يحافظون على الأذكار أن الله تعالى يحرسهم ويحفظهم، ولا تحدث هذه الأضرار مرض السحر ومرض الجن ومرض العين؛ إلا في المفرطين المهملين، إما العصاة الذين لم يحصنوا أنفسهم بالطاعات، وإما المتغافلين الذين غفلوا عن الأذكار ونحوها، فيصابون بمثل هذه المصائب، فننصح بالمحافظة على ذلك، وننصح أيضًا بعدم تلك التوهمات والتخيلات التي يلقيها الشيطان في قلوب بعض الناس لضعف يقينهم.
- أثابكم الله، وجزاكم الله خيرًا، وسدد أقوالكم وأفعالكم، باسمي وباسمكم جميعًا أتوجه بعد شكر الله سبحانه وتعالى إلى فضيلته بجزيل الشكر وأوفره على هذه الإجابات السديدة، وأسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثيبه على ذلك، وأن يجعلنا جميعًا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه: سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وصلِّ اللهم على نبينا محمد .

line-bottom