تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
شرح مختصر زاد المعاد
32979 مشاهدة
حكم المسح على الجوربين

...............................................................................


ثم هل يمسح على الجوارب؟ ورد أنه مسح على الجوربين في حديث عن المغيرة ولكن أكثر العلماء لم يصححوا ذلك الحديث لأن المعروف عن المغيرة الحديث في مسح الخفين، فيكون الحديث الذي فيه أنه مسح على الجوربين والنعلين حديثا غير محفوظ، هذا هو الصحيح.
لكن ورد المسح على الجوارب عن تسعة من الصحابة أنهم مسحوا على الجوارب، وهذا دليل على أنهم حفظوا في ذلك سنة، فلذلك أجاز الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، المسح على الجوارب وأما الشافعي ومالك وأبو حنيفة فمنعوا من المسح على الجوارب وشددوا في ذلك، وعللوا بأن الجورب ليس ساترًا سترًا مثل ستر الخف.
الخف يعمل من الجلود من جلود الإبل أو من البقر أو الغنم، ويستر القدم، وينضم على القدم ويشد عليه، ويمكن المشي به، والجورب ليس مثله، فلذلك منعوا من المسح عليه، ولكن الصواب جواز المسح على الجوارب.
ثم نقول: إن الجوارب التي مسح عليها الصحابة -رضي الله عنهم - كانت ساترة وصفيقة وقوية، حتى أنهم يجعلون تحتها فيما يلي الأرض رقعة من جلد يلصقونها بها، وكانت أيضًا غليظة يعني غالبًا أنه لا يخرقها الماء، يعني مثل ما ينسج من بيت الشعر أو البساط الذي يبسط على الأرض وما أشبهه، فتلك هي الجوارب التي كانوا يمسحون عليها.
فأما في هذه الأزمنة ظهر ما يسمى بالشراب، وتساهل كثير من الناس في المسح عليه، تساهلوا حيث إنهم يمسحون عليه مع رقته بحيث إنه قد توصف الأعضاء من ورائه قد تتبين أحجام الأصابع وقد يرى بياض القدم أو سوادها؛ فمثل هذا لا يجوز المسح عليه لكونه غير ساتر، ولكونه أيضًا لا تحصل به التدفئة، ولكونه لا يحصل المشي فيه لا يمكن أن يمشي فيه.
كان الصحابة يمشون في الجورب وحده، يجعلون تحته هذه الرقعة من الجلد ويمشون وحده، وقد يخوضون في الماء ولا تبتل القدم، يخوض أحدهم في الماء كالسيل أو نحوه ولا يخرق الماء تلك الجوارب ولا يصل إلى القدم وذلك لقوتها.
فنقول: عليك أن تحتاط، لا تتساهل بالمسح على الجوارب التي هي شفافة أو نحوها، لأنه لا يحصل بها الستر المطلوب، وإذا كان احتجت إلى لبسها فلا بد أن تختار القوية المتينة الصفيقة الغليظة التي لا يخرقها الماء، وكذلك إذا لم تجد فتلبس اثنين أحدهما فوق الآخر تلبسهما معًا، هذا مما يحتاج إلى أن ينبه عليه.
كذلك أيضًا معروف أن الناس في هذه الأزمنة يلبسون ما يسمى بالكنادر فوق تلك الشراب، وكذلك ما يسمى في اللباس العسكري بالبسطار وما أشبهه، ويسمى قديمًا بالجرموق الذي له ساق طويل أو الموق، فإذا لبس فوق الجورب خفًا فإن كان شد الخف عليه وعقده عقدًا محكمًا وصار يصلي به وينام به جميعًا فالمسح على الأعلى الذي هو الخف، فأما إذا جعل الكنادر مثل النعل يخلعها إذا جلس ويخلعها إذا نام ويخلعها إذا دخل المسجد أو المجلس ونحوه ويبقي عليه الجوارب فإن المسح على الذي يبقى، إذا أراد أن يتوضأ خلع الخف أو الكنادر ومسح على الجورب، أما إذا مسح على الكنادر ثم خلعها فإنه يعتبر قد بطلت طهارته.