إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
شرح مختصر زاد المعاد
33099 مشاهدة
دعاء الاستفتاح

...............................................................................


بعد ذلك الاستفتاح مقدمة قبل القراءة سأل أبو هريرة النبي صلى الله عليه وسلم أرأيت سكوتك بعد التكبير وقبل القراءة ما تقول؟ فقال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد هذا استفتاح يستفتح به.
أولا: يعترف بأن له خطايا أخطاء وزلات وذنوب.
ثانيا: يعترف أنه إذا عامله الله بها، فإنه يستحق العقاب، ولو كان قد غفر الله تعالى له، ولكنه يشرع ويبين لأمته.
ثالثا: يستحضر أن ربه تعالى هو الذي يغفرها لا يغفرها غيره، فأتى بهذه المبالغة. إذا باعد بينك وبينها بعد المشرقين، فإن ذلك دليل على أنه لا يعذبك بها، وإذا غسلك منها وطهرك ونقاك منها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس دل ذلك على أنك قد غفرت لك ذنوبك وخطاياك.
حفظ أيضا عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يستفتح ولكن في قيام الليل بقوله: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما -كما في هذه الرواية- وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين كان هو يقول: وأنا أول المسلمين، ولكن الفرد منا يقول: وأنا من المسلمين؛ لأنه مسبوق بالمسلمين الذين قبله وأنا من المسلمين، ثم يدعو بالدعاء الذي يقول فيه: اللهم إني ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت إلى آخره. هذا الدعاء وهذا الاستفتاح قد يكون فيه طول، ولكنه كان غالبا يستفتح به في قيام الليل.
حفظ أيضا أنه كان يستفتح في قيام الليل بقوله: اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم. هذا أيضا نوع من الاستفتاح.
حفظ أيضا أنه صلى الله عليه وسلم كان يستفتح بقوله: اللهم لك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق ووعدك الحق إلى آخره، وهو طويل مذكور في صحيح البخاري أيضا.
وهناك أيضا استفتاحات أخرى، وقد ألف فيها بعض العلماء هناك رسالة مطبوعة لشيخ الإسلام ابن تيمية اسمها أنواع الاستفتاحات هذه الاستفتاحات مشهورة، ويستحب أن الإنسان يأتي بهذا تارة وبهذا تارة؛ لكونها محفوظة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولئلا تكون بعض السنة مهجورة؛ لأنه إذا تركها واقتصر على واحد فكأنه هجر تلك الاستفتاحات.
ورد أيضا خارج الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم كان يستفتح بقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك.
وثبت عند مسلم أن عمر كان يجهر بذلك، ولا شك أن عمر ما جهر بذلك إلا ليعلمه الناس؛ فلأجل ذلك فضل الإمام أحمد هذا الاستفتاح يعني الإكثار منه أن يكثر من: سبحانك اللهم وبحمدك إلى آخره، وقال: إن هذا ثناء على الله وأما البقية فإنها أدعية، والثناء مقدم على الدعاء.
فسره أيضا الشيخ محمد بن عبد الوهاب في . هذه الأصول في قوله: سبحانك اللهم وبحمدك. التسبيح هو التنزيه، والحمد هو الثناء. سبحانك اللهم متلبسا بحمدك، تبارك اسمك أي: عظمة بركة أسمائك وجلت قدرتك تعالى جدك أي: عظم حظك وما تستحقه من العبادة على خلقك. لا إله غيرك أي: لا معبود بحق في السماوات ولا في الأرض إلا أنت يا رب.
ففيه التسبيح والتحميد والتمجيد والتوحيد؛ فلذلك مع اختصاره جمع هذا كله، فيكثر منه، ولكن لا يهجر بقية الاستفتاحات.