إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
شرح مختصر زاد المعاد
33003 مشاهدة
الأمر باتباع النبي

...............................................................................


وأما موضوع الكتاب فإنه في هدي النبي صلى الله عليه وسلم، والهدي معناه السيرة والسمت وما كان عليه صلى الله عليه وسلم، أي ما يتعلق بالأعمال الصالحة التي كان يعملها، وما ذاك إلا أن الله بعثه بشيرًا ونذيرًا، ودليلًا للأمة وقدوة لهم، فلا بد أنهم يتبعون سيرته ويتبعون هديه، ولذلك كان يقول في خطبته: إن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم أي سيرته وسنته، وما بينه لأمته وما دل الأمة عليه من أعماله فيكون قدوة لأمته.
وقد أمرهم الله تعالى بذلك في عدة آيات، منها آيات الطاعة مثل قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ حيث كرر الأمر بالطاعة أطيعوا وأطيعوا، وقوله تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم تعتبر من طاعة الله لقوله عز وجل: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ فهديه إذا أمرنا بأمر كان ذلك من هديه، وكان على المسلم أن يطيعه فيما أمر به.
كذلك أيضًا أمرنا باتباعه، واتباعه هو السير على نهجه، ذكر في قول الله تعالى عن اليهود: وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ أنهم لما ادعوا أنهم أحباؤه يعني أن الله تعالى يحبهم وأنهم يحبونه؛ أنزل الله قوله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وتسمى هذه الآية آية المحنة، أي أن الله امتحن كل من ادعى أنه يحب الله ويحب رسوله أن علامة ذلك الاتباع، أي السير على نهج وسنة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك قوله تعالى: وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ فهذا أيضًا مما يوجب اتباعه في هديه.