اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
شرح مختصر زاد المعاد
32882 مشاهدة
قدر ما يقرأ في الظهر والعصر

...............................................................................


أما القراءة، لا شك أن الصلاة مشروع فيها شيء من القرآن قليل أم كثير قال الله تعالى: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ أخذ بعض العلماء بهذه الآية، وقال: يجزئ ما تيسر من القرآن وإن لم يقرأ الفاتحة. آخرون قالوا -وهو الصواب- أن الآية فيما زاد على الفاتحة: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ أي: بعد قراءتكم للفاتحة.
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي هو القدوة يقرأ زيادة على الفاتحة، ففي صلاة الظهر والعصر كان يقرأ، وسئل خباب -رضي الله عنه- هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر قال: نعم. قيل: كيف تعرفون أنه يقرأ؟ فقال: باضطراب لحيته يعني أنهم راقبوا لحيته، وإذا هي تتحرك فعلموا أنه يقرأ مع أنه يسر في القراءة في الظهرين.
قدرت قراءته في صلاة الظهر بنحو ثلاثين آية أي: بنحو الم السجدة وهي ورقة ونصف ورقة أي: أنه كان يقرأ بها -يقرأ بها في الركعتين الأوليين من الظهر، وتارة يزيد على ذلك ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يدخل في الصلاة، ويذهب بعضهم إلى البقيع ويقضي حاجته، ويرجع إلى أهله، ويتوضأ، ويأتي إلى المسجد ويدرك الركعة الأولى دليل على أنه يطيل الركعة الأولى من الظهر.
معلوم مثلا أنهم يسمعون الإقامة وهم في بيوتهم، فيذهب أحدهم، ويخرج من البلد إلى البقيع شرق المدينة ويجلس ويقضي حاجته أن يتبول أو نحو ذلك، ثم بعد ذلك يرجع إلى بيته، ثم يتوضأ، ثم يذهب إلى المسجد، فيجده في الركعة الأولى. يقدر مثلا أنه يبقى نحو خمس دقائق في الركعة الواحدة، وربما تصل إلى عشر دقائق يعني ذهابه إلى البقيع قد يستغرق ثلاث دقائق وكذلك رجوعه وكذلك جلوسه على حاجته وجلوسه أيضا يتوضأ قد يبلغ عشر دقائق، مما يدل على أنه يطول الصلاة يطول الركعة الأولى، ولعله يتعمد حتى يدركوها؛ وذلك لأن الظهر تقع في وقت القيلولة وشدة الحر، والكثير منهم في بيوتهم - يعني مستظلين بظل البيوت- فإذا سمعوا النداء، أو إذا سمعوا الإقامة انتبهوا للصلاة.
وكذلك أيضا لا بد أنه يطيل الركعة الثانية، وأما الركعتين الأخيرتين من الظهر ومن العصر ومن العشاء والأخيرة من المغرب، فإنه يخففها -يقتصر فيها على قراءة الفاتحة.
هذا هو المعروف كذلك أيضا صلاة العصر روي أنه يقصرها أقل من الظهر أي: يجعلها على النصف، فإذا قرأ في الركعة في الظهر صفحتين، قرأ في العصر صفحة يعني على النصف؛ وذلك ليحصل الفرق بينهما، فالظهر تسمى الأولى ويطيلها حتى يتلاحقوا ويتداركوا، وإن كان لصلاة العصر أهمية وفضيلة ورد فيها فضائل كثيرة، ومع ذلك فإنهم قد يحتاجون إلى التخفيف؛ لأنهم ينصرفون إلى أعمالهم وإلى حرفهم وتجاراتهم وما أشبه ذلك.