إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة logo شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
shape
شرح مختصر زاد المعاد
44159 مشاهدة print word pdf
line-top
قدر ما يقرأ في المغرب والعشاء

...............................................................................


وكذلك أيضا صلاة المغرب، المغرب معروف أنه يجهر فيها بالقراءة في الركعتين الأولتين، ولكنه تارة يطيل القراءة، وتارة يتوسط، وتارة يخفف. ذكروا أن مروان بن الحكم لما كان أميرا على المدينة كان يقصر يقرأ دائما بقصار السور؛ أنكر عليه بعض الصحابة، وقال: إنك تقرأ بهذه السور القصيرة، وإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ فيها بطول الطوليين، طول الطوليين يعني الطول من السورتين الطويلتين المكيتين وهما الأنعام والأعراف، والطولى هي الأعراف فإنها أكثر من مائتي آية، وتزيد أو تقرب من جزء، وتقريبا جزء وربع وزيادة قرأ بها -صلى الله عليه وسلم- في المغرب، لكنه قسمها بركعتين يعني هي نحو ست وعشرون صفحة كما هي معروفة في المصاحف. ست وعشرون صفحة أكملها في صلاة المغرب. دليل على أنه كان يطيل صلاة المغرب أحيانا.
كذلك أيضا ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- قرأ فيها بالطور، وهي أكثر من صفحتين يعني نحو صفحتين وربع صفحة، وقرأ فيها أيضا بالمرسلات، وكان يقرأ فيها ولكنه لا يداوم على قراءة سورة معينة، بل أحيانا هذه وأحيانا هذه، فتكون هذه قراءته.
ولا بأس أن يقرأ بقصار المفصل أحيانا، قصار المفصل أولهن سورة: وَالضُّحَى إلى آخر القرآن.
وأما صلاة العشاء، فالمعتاد أنه يقرأ فيها بأواسط المفصل، المفصل أوله سورة ق طوال المفصل من سورة ق إلى سورة عم، أوساط المفصل من عم إلى سورة: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى .
ثم لما كان معاذ بن جبل -رضي الله عنه- يصلي مع النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاة العشاء؛ لأنه يحضر حلقات العلم حتى يتعلم وحتى يقرأ، ثم لما كان هو أقرأ قومه كان يذهب إليهم بعد العشاء.
الطريق بينه وبينهم ساعة أو أكثر من ساعة، فيمكن أنه لا يأتيهم إلا بعدما يمضي من الليل ثلاث ساعات ونصف من الغروب، لما كان هو أقرأهم كان يطيل القراءة بهم، وكانوا أهل حرث، وأهل عمل، يشق عليهم السهر الطويل، فكان يطيل بهم، فاشتكوه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قالوا: إنه لا يأتينا إلا متأخرا ومع ذلك يطيل القراءة بنا، فأنكر عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمره أن يقرأ بسور متوسطة، أن يقرأ بهم بسورة سبح وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ و إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ؛ أي بأواسط المفصل من سورة عم إلى وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ؛ رفقا بهم، وأنكر عليه الإطالة وقال له: أفتان أنت يا معاذ وقال: أيكم أمَّ الناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والكبير والصغير وذا الحاجة هذا الحديث أرشد به معاذا لأنه كان يطيل؛ وذلك لأنه لما جاء قومه في ساعة متأخرة كبر وابتدأ بقراءة سورة البقرة يمكن أن تستغرق ساعة أو أكثر من ساعة، متى ينتهي بهم؟ يمكن أن يمضي من الليل خمس ساعات وهو لم ينتهِ بهم، فمتى يستريحون؟! لا شك أن في ذلك مشقة، فأنكر عليه.
هذه قصة معاذ مع قومه.
يقول المؤلف: استدل بها النقارون الذين ينقرون الصلاة أخذوا يكررون قوله: أفتان أنت يا معاذ أخذوا يقولون: أيكم أمَّ الناس فليخفف فنقول لهم: التخفيف أمر نسبي فإن من قرأ مثلا سورة ق وسورة الم السجدة اعتبرناه مخففا بالنسبة إلى من قرأ سورة البقرة أو ما أشبهها.

line-bottom