إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
شرح مختصر زاد المعاد
44174 مشاهدة print word pdf
line-top
حكم مسح الرأس والأذن

...............................................................................


ثم من أعضاء الوضوء مسح الرأس قال الله تعالى: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ جاءت السنة بمسح الرأس كله، إمرار اليدين عليه مبلولتين بالماء، تارة يبدأ بمقدم رأسه ثم يمر يديه إلى قفاه ثم يردهما، وتارة يبدأ بمؤخر رأسه فأقبل بهما وأدبر، يجوز ذلك، والقصد تعميم الرأس، ولا يجوز الاقتصار على بعض الرأس هذا هو الذي تؤيده الأدلة.
ذهبت الحنفية إلى أنه يجوز مسح ربع الرأس، واستدلوا بأنه صلى الله عليه وسلم مسح بناصيته، ولكن الحديث الذي ورد في ذلك في حديث عن المغيرة مسح بناصيته وعلى العمامة والخفين، كان قد جعل على رأسه عمامة شدها على رأسه وبدت الناصية التي هي مقدم الرأس فمسح بالناصية، ثم كمل المسح على العمامة، فهذا دليل على أنه لم يقتصر على الناصية.
وخالف أيضًا في ذلك الشافعية فأجازوا أن يمسح جزءًا من الرأس ولو شعرة، وقالوا: إن الباء في وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ للتبعيض، وهذا خطأ فهموه من كلام للشافعي ليس بصريح، وتشددوا في ذلك تشددوا فيه فقالوا: يكفي مسح بعض شعرة، ولا شك أن هذا مخالفة للنصوص، ما اقتصر النبي صلى الله عليه وسلم على بعض رأسه إلا إذا كانت عليه عمامة فإنه يكملها، والعرب لا تعرف أن الباء للتبعيض بل الباء في قوله وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ للإلصاق؛ أي ألصقوا المسح برءوسكم، فلا بد أن يبل يديه ثم يمر بهما على منابت الشعر كله.
وهكذا أيضًا يمسح أذنيه، مسح الأذنين بأن يبل أصبعيه فيدخل السبابتين في خرق الأذن ويمسح ظاهر الأذن بالإبهام، هذا معنى ظاهرهما وباطنهما، ورد فيه حديث الأذنان من الرأس يعني يمسحان تبع الرأس.
وجعل بعضهم ما أقبل من الأذنين من الوجه وما أدبر من الرأس، فعلى هذا إذا غسل وجهه وغسل خديه فإنه يغسل ما يتمكن منه من مقابل الأذن، ولا يلزم أن يدخل الماء في الأذن لما في ذلك من الضرر، ولا يلزمه أن يتتبع غضاريف الأذن الداخلة يتتبعها لا بالمسح ولا بالغسل لما في ذلك من المشقة، فهذا مما جاءت به السنة أنه يمسح باطنهما وظاهرهما.

line-bottom