الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الأول
54957 مشاهدة print word pdf
line-top
اختار الله رسله واصطفاهم على من سواهم

[ثم رسله صادقون مصدقون بخلاف الذين يقولون عليه ما لا يعلمون]


الشرح
* قوله: (ثم رسله صادقون مصدقون).
أي: أنه -سبحانه- هو أعلم برسله الذين أرسلهم إلى خلقه لتبليغ رسالته، ووظيفتهم هي تبليغ رسالته إلى خلقه، وقد اختارهم واصطفاهم على من سواهم من خلقه لاتصافهم بالصدق، وهم مصدقون، أي: يجب على أممهم تصديقهم وقبول أخبارهم والتصديق بها، ومن لم يصدقهم فهو كافر بالله العظيم، وكذلك فإن الله صدَّق الرسل وأيدهم، قال تعالى: لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ [النساء: 166]. وقال تعالى: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ [الحاقة: 44- 46].
وفي نسخة من الكتاب: (صادقون مصدوقون) فيكون المعنى: أنهم مصدوقون من قبل الله تعالى ومن قبل الوحي - جبريل عليه السلام- فكل ما أوحي إليهم فهو حق وصدق.
والحاصل: أنه يجب التصديق برسل الله وما جاءوا به من الشريعة ومن الأخبار على وجه العموم، ولا يجوز قبول بعض أخبارهم دون بعض، فإن من فعل ذلك فإنه لم يؤمن بالله ورسله حق الإيمان، بل يكون ممن آمن ببعض وكفر ببعض؛ لأنه قبل بعض الشريعة دون بعض، وقد كفر الله تعالى من فعل ذلك، فقال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ إلى قوله: أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا [النساء: 150، 151]. الآية.
فالذي يقبل بعض الشريعة دون بعض فهذا من الكافرين حقا، كمن يقبل أحكام الشريعة فيما يتعلق بالعبادات، ولا يقبل ما يتعلق بالأموال مثلا فكذلك المبتدعة يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض، فإنهم يقبلون ما يتعلق بالأحكام والأوامر والنواهي، ويردون ما يتعلق بالأسماء والصفات، فلا بد من قبول ما جاءت به الرسل؛ لأنهم الصادقون المصدَّقون.
* قوله: (بخلاف الذين يقولون عليه ما لا يعلمون).
فإن هناك كثيرا من المبتدعة يتخرصون في صفات الله، ويقولون على الله بلا علم فهؤلاء في مرتبة المشركين؛ لأن الله تعالى قرنهم بأهل الشرك، ورتب ذلك، فقال تعالى: وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [الأعراف: 33]. وينطبق هذا على نفاة الصفات الذين يقولون: لا يجوز أن يوصف الله بأنه يعلم، ولا بأنه يقدر، ولا بأنه يرحم، ولا بأنه ينزل في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا، ولا بأنه مستو على العرش، ولا بأنه قريب من عباده، وغير ذلك من الصفات الذاتية والصفات الفعلية.
فهؤلاء هم الذين يقولون على الله ما لا يعلمون، بخلاف الرسل الصادقين المصدوقين، الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله، فإنهم قد بلغوا ما أنزل إليهم من ربهم، وبينوه أبلغ بيان، وأوضحوا ذلك للثقلين.

line-bottom