إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه logo الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
shape
التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الأول
59813 مشاهدة print word pdf
line-top
13- إثبات صفة العين

[وقوله: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا [الطور: 48]. وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ [القمر: 13، 14]. وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي [طه: 39].


الشرح
* قوله: (وقوله: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ).
*الآية الأولى: في سورة الطور: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا المعنى أنا نراك، وأنت على مرأى منا، ولا تغيب عن نظرنا فسنحفظك، ففيه إثبات أنه بمرأى من الله، كما في قوله تعالى: إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه: 46]. يعني: بمرأى ومسمع مني، فأثبت الله لنفسه سمعا يسمع به، وبصرا يبصر به.
وأثبت سبحانه لنفسه الرؤية كما قال تعالى: الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ [الشعراء: 218]. فهكذا قوله: فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا أي: نراك، فأثبت لنفسه العين وجمعها، وقال: بأعيننا لماذا؟ للتعظيم كما تقدم أن الجمع قد يراد به التعظيم، فلما عظم الله ذاته بأن جعل الضمير نا وهو في الأصل للجمع لكنه هنا للتعظيم جمع العين، فقال: بأعيننا فصار الجمع مناسبا؛ فجمع الضمير نا لتعظيم ذاته وجمع الأعين لمناسبة الجمع للجمع.
والمعنى: أنك بمرأى منا ولا تغيب عنا، وليس المراد أنك بداخل أعيننا، وقد جاءت السنة بإثبات عينين لله تعالى يبصر بهما كما في الحديث الصحيح أنه -صلى الله عليه وسلم- إن ربكم ليس بأعور يعني: أن له عينين سليمتين من العور.
* الآية الثانية: في سورة القمر: وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ [القمر: 13، 14].
يعني: أن الله حمل نوحا ومن آمن معه على سفينة من أخشاب ومسامير، وأخبر أن هذه السفينة تعوم على الماء وهي تحت نظر الله وبمرأى منه -جل وعلا- وإذا كان الأمر كذلك، فسيحفظها وسيحرسها وسيكلؤها ومن فيها، وليس المقصود أنها بداخل عينه جل وعلا.
* الآية الثالثة: في سورة طه، وهي قوله تعالى: وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي [طه: 39]. يخبر سبحانه فيها أنه يحب عبده ونبيه موسى -عليه السلام- محبة خاصة، ولذلك فستتربى على مرأى مني ومرقب، فأحفظك من كل سوء ومكروه.
وليس في قوله تعالى: عَلَى عَيْنِي دليل على أن لله تعالى عينا واحدة، بل المقصود بذلك جنس العين لا عددها، لأنه ورد في السنة ما يفيد أن لله تعالى عينين حقيقيتين تليقان به، وأما عن ورودها في القرآن بصيغة الجمع وبصيغة الإفراد، فليس فيه دليل لأهل التحريف الذين يحرفون معناها إلى الحفظ والرعاية، ولا يثبتون لله صفة البصر وصفة العين؛ لأن ورودها بصيغة الجمع للتعظيم، وورودها لصيغة الإفراد للجنس- يعني: جنس العين لا عددها- وأما الحفظ والرعاية فهو من آثار رؤية الله لعبده ونبيه.
فالحاصل: أن أهل السنة يثبتون لله تعالى عينين حقيقيتين كما يشاء من غير تعطيل ولا تحريف، ومن غير تمثيل ولا تكييف.

line-bottom